الثلاثاء، 9 فبراير 2010

مزيد من الاقتراب


مزيد من الاقتراب

الاقتراب من الله هو أن ترتقي درجات الانمحاء كل مرة. لا شك في أن ال"بيتول" (" الفناء"،"المحو"،"الانمحاء") التام ليس في متناول الجميع، لكن الأساس هو الاعتراف بأهميته ومحاولة الاقتراب طوال حياتنا. بهذا الشرط يمكن للمرء أن يستجيب للمشيئة الإلهية في الكمال.

يلعب الميل السيء أدوارا. حسب هذا الميل السيء، فإن عدم خرق القوانين التوراتية والربانية يمثل الكمال. الأمر بسيط.

جيد طبعا أن نحترم نصوص القوانين. فمما لاشك فيه أن من يتحلل منها يعرض نفسه لمستقبل أيام مؤلم. علاوة على ذلك، فإن الاعتقاد بأننا باجتنابنا المحرمات نبدي حبنا بالتمام والكمال للخالق، هو اعتقاد غير دقيق. يريد منا الله قلوبنا.

هكذا، فإن المرحلة الأولى تكمن في عدم إتيان الحرام. ليس هذا بالأمر الهين ويستوجب دراسة يومية لنصوص القانون، كل حسب إمكانياته وقابليته.

تقتضي المرحلة الثانية أن نمحو مفهومنا للذة لنفسح المجاللذلك الذي يناظر اللذة العلوية. بكلمة أخرى، يتوجب علينا استهداف المستوى الذي يضم كل ما يمتعنا تماما، ويكون في الآن نفسه، هو ما يريده منا الخالق بالضبط. إن قصة شمشون لغنية بالعبر.

كان شمشون متزوجا بامرأة فلستية من مدينة "تيمنا". وكان الهدف من هذا الزواج أن يعيش بين الفلستيين ويجد حجة لمهاجمتهم. لم تكن الفكرة من قبله فحسب، بل جاءته من الله أيضا. ( القضاة 14:4). تم الاحتفال بالزواج وتحقق هدف شمشون جزئيا.

أثناء ذلك، يفاجأ والدا شمشون- اللذان لم يكونا على علم بالمصدر الإلهي للمشروع- باختيار ابنهما. " ألا توجد امرأة من قرابتك أو من بقية الشعب، حتى تذهب للبحت عن واحدة من بين الفلستيين؟". فيجيب شمشون: " تعجبني هذه". في هذا الشعور يكمن خطأ شمشون.

يعلمنا التلمود بأن خطأ شمشون في كونه يريد جسم زوجته المستقبلية، رغم علمه بأن إرادة الله قضت بأن يتزوج بها. ال"بيتول" التام يكمن في ألا نشعر بشعور خاص وأن نتزوج هذه المرأة لأن مشيئة الله قضت بذلك. فقد عوقب شمشون لأنه خلط مصلحته الشخصية بالمهمة المقدسة.

لنطمئن: خالق الكون يفرض علينا ما نقدر على منحه إياه.وبمستوانا نحن، هذا يعني أننا بتصرفنا على شاكلة شمشون، لن نجلب على أنفسنا أي عقاب.

بالرغم من كل ذلك، فهذه القصة ينبغي أن تتيح لنا أن نأخذ في الحسبان إلى أي حد نكون بعيدين عن الله كلما فكرنا في إرضاء قلوبنا، شهواتنا، ونحن مطمئنين بأننا لا نخرق أي قانون.

تحذير آخر: لا تنفع الرغبة في أن نلعب دور السادة الكبار. كما يمكن أيضا أن يتعذر علينا الوصول إلى درجة الكمال المطلق. لا ينبغي لهذه الفكرة أن تقعد بنا. بالعكس، ينبغي أن تحثنا على التدرج في مدارج الكمال كل يوم.

إننا ونحن نمنح الله الشوق في التقرب إليه - رغم أخطاءنا و زلاتنا الروحية- نمنحه أعز ما نملك. لنكن جديرين إذا باستحقاق هذا الشوق.


Share/Bookmark

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق