الاثنين، 26 يونيو 2017

طوق النجاة

Share/Bookmark



يوجد ضربان من النوم: جسدي وروحي. فإذا كان في الأول نفعٌ، ففي الثاني خطر ومن واجبنا أن نبذل كل جهودنا من أجل أن نصحو منه.
     إن السبيل الذي يوصل إلى الصحوة الروحية يبدأ بالواجب المفروض علينا، وهو واجب أن نبحث عن الجوانب الإيجابية الكامنة فينا، حتى وإن كنا في أقصى الأوضاع قساوة. أن نمنح لأنفسنا قيمة ما، وأن نتشبث بأدنى مظهر من مظاهر الفرح الممكن الذي تبقى لنا الشعور به،  هما بداية خلاصنا.
    وبالعكس، حين ندرك بأننا أبعد ما نكون عن الله، فإن ذلك مؤشر دال على أننا قد خضنا في نوم روحي عميق. كيف أمكن الابتعاد كثيرا لو كنا يقظين.
         ينبغي لنا معرفة أن أخطاءنا وخرقنا للشريعة  ليست أفعالا تجر غضب الخالق سبحانه فحسب. حين يكف المرء عن الخضوع للمشيئة الإلهية، فهو بذلك يصنع أعداء حقيقيين يكونون بالتالي مصدرا للكثير من تخبطه.
    حين تجتمع هذه القوى المهلكة ضدنا، ينبغي لنا أن ندرك بأن هدفها ببساطة ووضوح هو، لا قدر الله، أن تحطمنا. في مثل هذه الأحوال نتصور أننا قد فقدنا الأمل، وأننا بلا منفذ خروج كي نستعيد الفرح والإقبال على لذة الحياة. وهو أيضا معنى كلام الملك داوود لما أقر: "أكثرهم يقول عني: "لا سند له البتة ينتظره من الله" (المزامير3:3)
    لما يحيط الماء بنا من كل جانب، يشملنا الشعور بأننا فقدنا موطئ القدم وأننا نغوص إلى الأعماق. يتخلف طوق النجاة الذي سينقذنا عن الظهور وتخوننا القوة على رفع التحدي. حينذاك نكون في حاجة إلى واحدة لا غير: نضطجع وننام (المزامير3:6). في هذا الطور نكون قد دخلنا في نوم روحي عميق وحظوظ الصحو تبتعد بخطى عريضة.
    إلا أن الحقيقة غير ذلك. فمن المحرم علينا أن نيأس وخصوصا أن نيأس من أنفسنا. ينبغي علينا بالأحرى أن نستنهض قوانا كي نخرج من هذا النوم وأن نفتح أعيننا بأسرع ما يمكن. ولتحقيق ذلك، فإن أفضل طريقة هي، بلا شك، أن نبادر إلى استكشاف جوانب الخير فينا، مهما يكن عددها ضئيلا جدا.

    (مستوحى من "ليكوتي هلخوت" للرابي ناتان البراسليفي، عوراه حاييم، هيلخوت هاشكامات هابوقير، 1:2)

يتيع...


ديفيد يتسحق تروتمان

:رابط المقال 
الأصلي

http://www.matorah.com/2017/06/la-bouee-de-secours.html     

الاثنين، 30 مايو 2011

الوصايا التوراتية



لكل وصية من الوصايا التي أوصانا بها الله أربع مظاهر مختلفة: الدرس، التعليم، الحفظ و التحقق. 

الدرس يكمن في تحصيل المجمل والمفصل لكل وصية من الوصايا. هذا الدرس ينبغي أن يوافق قدرات كل فرد: ذكاء، توفر الوقت... هذا الدرس ينبغي أن يخدم هدفين: الدرس لذاتة وتحصيل المعرفة اللازمة لحسن التطبيق. مثال: على اليهودي أن يدعو بدعاء قبل تناوله لشيء من الطعام. هكذا، ينبغي معرفة مختلف الادعية الخاصة بكل نوع من أنواع الطعام (مجمل) والخصوصيات في حال الطارئ (مفصل). طارئ يمكن أن يحدث: نمسك بتفاحة قصد التهامها، وقد دعونا بالدعاء المناسب... لكن بمجرد رفعها الى الفم، يتبين لنا أنها غير صالحة للأكل (مثلا: فاكهة فاسدة). ما العمل ؟ أنستطيع أن ننتاول مكاتها فاكهة أخرى؟ هل يجب تكرار الدعاء نفسه؟ هل ذهب دعاءنا سدى؟

التعليم يكمن في واجب تعليم مختلف الوصايا (التوراتية والربانية) لمن ينصتون الينا بالأذن الصاغية. هؤلاء ينصتون لأنه من المفروض أن يقوموا بذلك ( الزوجة تنصت الى زوجها، الأبناء ينصتون الى أبيهم... ) أو لأنهم يرغبون في ذلك ( الاشحاص الذين يذهبون لحضور درس، السلطة التي نمنحها لحاخامنا... ). هذا التعليم ليس خيارا نختار اتيانه وقت ما شئنا. في الواقع، وفي مثل الحالة التي ذكرنا قبل قليل، نكون مجبرين على الالتزام بدور التعليم الذي أوكله الله الينا.

الحفظ يكمن في مراجعة القواعد المختلفة لكل من الوصايا. هذه المراجعة ترمي الى هدفين اثنين: التأكد من أننا لم ننس شيئا من درس سابق ومعمق، مع الاستزادة في كل مرة، معرفتنا بكل واحدة من الوصايا. ان موضوعا تعلمناه لأول مرة في سن العشرين لا يماثل موضوعا نتعلمه في سن الأربعين. كل مراجعة اضافية تعمق معرفتنا وفي كل مرة تجعلنا الحكمة التي هي ثمرة العمر نعيد تقديرها بكيفية جديدة. 

التحقق يكمن في العمل بما تعلمناه. لاينبغي أن نمر من النظرية الى التطبيق فحسب، حينما تسنح الفرصة بذلك، بل ينبغي أن نسعى الى تحقيق كل وصية من الوصايا. ان الله يولي كبير أهمية للجهد الذي نبذل قصد العمل بتوراتة. أن نتصدق بطعام لمحتاجين شيء، و أن ننطلق الى البحت عنهم بقصد اطعامهم شيء اخر.

هذه المظاهر الأربعة الخاصة بكل وصية لا ينقك بعضها عن بعض. و يتوقف الأمر على المحبة التي نكنها لها كي تصير عبادتنا لله نابعة من القلب، بدلا من نلك الصادرة عن آلة. عن رجل آلي.

ربي، لتفتح مشيئتك قلبي الى سبلك. اشملني يعناينك وقربني اليك وارفعني أنا الفقير الى درجة الانسان. آمين.

Share/Bookmark

الأحد، 15 مايو 2011

حيوان بزي انسان

(Associated Press)

يبدأ الايمان عندما يقف العقل عاجزا. اذا ما تزيا حيوان بزي بشري واستعمل جرافة ليدوس بها مدنيين، يجب علينا اذاك أن نستدعي شيئا من الصعب جدا ادراكه: الايمان بالله و برحمته.

بالأمس ( 2 يونيو 2008 )، قتل وحش ثلاثة مدنيين في وسط القدس. لم يكن هؤلاء الأشخاص الثلاثة في نظر الجميع - وفي نظر قانون الحرب - أهدافا مشروعة. فقد كان الأمر يتعلق بمواطنين كان بالامكان ان يكونوا، فرنسيين، سويسريين، أمريكيين... اختارهم الله ليقضوا في ذلك اليوم، بين يدي حيوان.

ما ينبغي أبدا لمثال سياسي أن يتخذ حجة لسلوك بهيمي. كل أؤلئك اللذين لم يشجبوا فعلة كتلك، متهمون بمشاركة ذلك الوحش. ان شعبا لا يشجب فعلة كتلك ليحشر في صف أمم العالم المخجلة. ان نيلسون منديلا، الدلاي لاما، وكثيرون غيرهم - وآخرون أيضا- كانت لهم قضايا شريفة ينافجون من أجلها. ولم يلجأوا أبدا الى أعمال وحشية. أن عظمة شعب ما تقاس بسلوك أعضاءه، خصوصا في فترات المحن. لقد حافظ اليهود - الى النهاية - وهم في الغيتوهات، على سلوكهم الانساني، وحتى بعد أن فقد النازييون الحق في أن ينعنوا بالبشر.

ان مأساة الأمس أثارت تصريحات معتادة لدى رجالات السياسة: عمل وحشي، تصرف غير مقبول، رد فعل اسرائيلي من الصعب التكهن به....سخافات معتادة صادرة ممن يتغذى على ثقافة غير يهودية ويدفعون شعبهم الى أداء ثمن تصرفهم الاجرامي، لقد كان الوزير الأول الاسرائيلي أكثر صدقا من الجميع حين صرح: " لقد أنفقتا مبلغا ضخما في بناء الحاجز الأمني، و بالرغم من أنه كان فعالا جدا، يتضح أن حاجزا لا يمكن له أن يمنحنا جوابا على مشكل الارهاب الذي ينطلق من جانبنا"

ان نحن سحبنا الله من حياتنا، فان الخالق يسحب حضرته الالهية من حياتنا نحن. والنتيجة: تعود " الطبيعة " الى أخذ نصابها لتخرخ الحيوانات الفلسطينيه من قفصها. في الزقاق ستوجد حديقة الحيوانات وسيقتل المدنيون لا محالة.

أعنا يا الله، حتى وان كنا لا نستحق تأييدا منك. اكفنا شر الوحوش من حولنا. لا تتركنا لأنفسنا طرفة عين.

Share/Bookmark

الاثنين، 6 سبتمبر 2010

إيتاء فائدة الشك



" ألن تسمح لنفسك بذلك؟ رد عليه. كن رجلا."

عار علينا. عار على ثقافتنا وعلى حبنا النظيف.

في الدرس السادس من ليقوتي موحران، يعلم الرابي نحمان نقطتين مهمتين : 1) من الممكن التكفير عن سيئاتنا بلزوم الهدوء حين نتعرض للشتائم؛ 2) علينا أن نعطي فائدة الشك للمرء الذي كال لنا الشتائم. لقد قمنا باستعراض النقطة الأولى مؤخرا؛ وسنستعرض، هاهنا، النقطة الثانية

ليس من الهين دوما أن نعطي فائدة الشك. على أن الأمر يتعلق، بحسب الشرع اليهودي ( הלכה )، بالقاعدة العامة، باستثناء بعض الحالات الخاصة، كالتعاملات المالية على وجه الخصوص. حين نرى شخصا يتصرف بطريقة تبدو لنا غير لائقة، فعلينا أن نبدل الجهد لإيجاد سبب مقبول لمثل هذا السلوك. نتفهم الصعوبة

بالرغم من ذلك، فحين يشتمنا شخص ما، على مرأى ومسمع من الناس، يمكن أن يتبادر إلى أدهاننا استحالة إيجاد أي عذر لما حصل. إن إحراج شخص ما خطأ فادح يتجاوزنا مداه في الأغلب

يعلمنا الرابي نحمان، في جملة واحدة ما ينبغي أن ينصرف إليه تفكيرنا : إن الشخص الذي يكيل لنا الشتائم ليس مسئولا بالكامل على إيقاعي في الحرج. ففي الواقع، وبحسب ما يعرفه هذا الشخص – وكذلك بحسب طريقته في التفكير – فإنه يعتقد أنني استحق فعلا هذه الشتيمة."

إن المرء الذي يرقى إلى هذا المستوى من مراقبة النفس، لا بد أن يتلقى بركات من السماء، عطاء غير منقوص.. فإذا ما كانت الثقافة الحديثة تدفعنا إلى " أن ننطح" من يستدرجنا إلى التلاسن، فإن الرابي نحمان البراسليفي يعطي موعظة مختلفة : تذكر أن ما من شيء يحدث إلا ويحدث بأمر الله، و الحرج الذي نفر منه – لكن من غير الممكن تفاديه دائما – يطابق المشيئة الإلهية كذلك

لنبتعد عن ثقافة الكذب هذه التي هي ثقافتنا؛ لنفر من الظهور بمظهر الجبار القوي. إن من يقف على نفسه بالمراقبة لهو القوي حقا، وليس من يستجيب بطريقة غريزية. في مثل هذه الحال، يتشبه الكائن البشري بالبهائم

ربي أعني على أن لا أنسى انك خلفتني بشرا. أعني على تكريم وحفظ مقام الدور الذي أوكلت إلي

الفخر للموتى أحياء؛ فالفناء جوهرة المومنين.

Share/Bookmark

الخميس، 2 سبتمبر 2010

لا نحيا أبدا فرادى

(Poofy)

ينبغي على سالك طريق التوبة أن يستدعي قواه ويتابر على تثبيت أقدامه في سبل الله. ليس مهما أن يكون هذا المرء في صعود روحي، أو في سقوط. يشير إلى ذلك ما كتب في (المزمور 139: 8) : " إن أنا إلى السماوات صعدت، فهنالك أنت موجود، وإن أنا جعلت من جهنم مضجعي، فها أنت ذا ثانية"

بصيغ أخرى، رغم من أن هذا المرء يجد نفسه في حال صعود و يبلغ مستوى روحيا أسمى، لا ينبغي عليه أن يراوح مكانه، ولا أن يرضى بحاله. بل عليه أن يخبر الخبرة التامة ب: معرفة واعتقاد أن عليه المضي، إلى الأمام بإلحاح لا يفتر: هذا ما يقابل الخبرة في السباق، إنه ظاهر : "إن أنا إلى السماوات صعدت..."

والعكس صحيح أيضا. فرغم من أن المرء يهوي روحيا ، حتى في قرار عميق من جهنم - وقانا الله - فمع ذلك لا ينبغي له أبدا، أن يفقد الأمل، بل ينبغي له أن يتابر و في طلب الله. بغض النظر عن مقام هذا المرء، عليه أن يستجمع قواه ويرتفع بهمته بكل الوسائل المتاحة له. فالله موجود حتى في أعماق جهنم، وفي ذلك المكان أيضا، من الممكن أن نصل الله. وهذا يقابل: ...إن أنا جعلت من جهنم مضجعي، فها أنت ذا ثانية" ، في مثل هذه الحال، يتكلمون عن خبرة التوبة. ذاك لأنه من الممكن سلك طريق التوبة إن امتلك المرء هذين الصنفين من الخبرات.

كان الرابي نحمان البراسليفي دقيقا لما استعار كلمة " الخبرة" . يتعلق الأمر، في الحقيقة، بخبرة عظيمة للمرء حين يستحق أن يعرف ما يجب عليه عمله كي يتجشم المشاق ويكابد باستمرار في عبادة الله، كل ذلك وهو طوال يلك المدة يرجو أن يسمو بروحه إلى أعلى مستوى، ودون أن يسمح لشيء بأن يهوي به إلى أسفل. حتى وإن كان المرء، وهو على ما هو عليه – وقانا الله – ليس له أن ييأس. هكذا، يستجيب لما في الآية: "...إن أنا جعلت من جهنم مضجعي، فها أنت ذا ثانية"

تـعليق الرابي نحمان البراسليفي على ليقوتي موحران ( الجزء الأول، 6:11)


Share/Bookmark

الأحد، 29 أغسطس 2010

رؤيا واضحة

(F. Cupillard)

إن امتلاك رؤيا واضحة تعني القدرة على تأكيد – دون أدنى شك – الطبيعة البحت لما نراه. سواء تعلق الأمر بشيء محسوس ( شخص، شيء، منظر طبيعي...) أو مجرد ( استيعاب مفهوم، الإحساس بمشاعر شخص آخر، استشعار كذا...)، فالشخص الذي يستطيع تحديد هذا الشيء بالدقة المتناهية، يملك رؤيا واضحة.

إن القدرة على التمييز بين الخير والشر تتوقف على قدرتنا على امتلاك رؤيا واضحة. وبما أن كلا منا يرعى مصلحته، فإن حظوظ استحالة وجود شخصين يمتلكان التحديد نفسه للخير والشر فيما يتعلق بمختلف المظاهر التي تشكل حياتنا لجد متوفرة. وبتعبير آخر، في غياب الاختلاف تنتفي الخلافات. هذا ما يسمح لنا بإدراك القليل ضآلة الانسجام الحاصل بين الرجال – والنساء- فيما يتعلق بالتحديد الخاص بالخير والشر.

فإذا ما انتفى من الدنيا من يمتلك ما يكفي من الغرور كي يعلن بأنه – هو وحده – من يمتلك التحديد الدقيق، لوجب الاعتراف بأن بحثنا عن الحقيقة المطلقة يصير غير ذي جدوى و النزاعات بلا نهاية.

في المقابل، إذا ما ادعت قوة عليا- متعالية عن الفهم البشري- هذه الحقيقة البالغة الكمال، فهذا يعني بأننا نستطيع الاقتراب من الحقيقة المطلقة و أن نتمنى الموت أقل جهلا مما ولدنا عليه. هذا الطريق ينبغي سلكه والشرط كي نمضي عليه قدما إلى الأمام هو التواضع: أن نقبل بمحدودية فكرنا.

فاذا ما وجدنا المرشد المثالي الذي يرشدنا على هذه الطريق ،و الذي– رغم كونه من لحم وعظم – قد بلغ مستوى روحيا من غير الممكن أن يبلغه أي كائن بشري غيره، فلا ينبغي فراق هذا المرشد أبدا. بل حري بنا التماس أن يمد لنا يده وألا تضعف إرادتنا، بغض النظر عن الطريق التي يدلنا عليها.

لما كان اليهود يستمعون إلى موشي (موسى)، فإن كل من كان يؤمن به كان يتبع نصحه، حتى وإن كان يناقض المشيئة الإلهية. إن الإيمان، في هذه الحال، يدل على اليقين بأن الله، في النهاية، سيجيز أمر الحكيم. في غياب هذا الإيمان، أصيب شعب إسرائيل بأسوأ المحن. إن الذين أخرجوا العجل الذهبي، (قوراه) وزبائنه المزيفون..كلهم شركاء في الإثم: إثم أنهم، بذلك، قد أصابوا الرأي.

إن التحلي بالإيمان، هو التسليم بأننا لا نعلم شيئا،و لا نفهم شيئا. من جهة، يجب استعمال وظائفنا العقلية في حدود قدراتنا القصوى في المجالات المتاحة لنا. ومن جهة ثانية، ينبغي التسليم أيضا بأننا لا نملك أي فهم فيما يتعلق بالمجالات التي تتجاوز الفهم البشري. إن الثقافة الغربية تود أن تجعلنا نعتقد بأن موقفا كهذا يوحي بالشرك. يا له من جنون. يا له من هراء.

يا مالك الملك، أعني على نسيان ذاتي. أعني على الاعتراف بضعفي على فهم ما ينشئ حياتي. أعني على أن أحيا طبقا لإرادتك، اتباع سبيلك. لو أن لي القدرة على الإنصات لروحي و الإعراض عن طواغيت جسدي. أن أدع روحي تتحدث – أن أتجاهل جسدي - إلى الحد الذي استوجب فيه أن أوخز كي أحيا. آمين


Share/Bookmark

الجمعة، 18 يونيو 2010

الإهانة المكفرة عن الذنب



تدل زلة المرء حين يزل على أنه كان يفكر في نفسه قبل أن يفكر في الله. إن مخالفة المشيئة الإلهية لهي الأنانية في أقصى درجاتها. مع ذلك، فبلطفه المطلق، يتيح لنا أن نتوب من بعد زلتنا. في ليقوتي موحران 1 : 6 ، يصف لنا الرابي نحمان البراسليفي سير العملية


حين يقترف المرء ذنبا بدافع الأنانية، فمن الواجب عليه أن يصلح ما اقترفه بتدبير مطابق. (عين بعين). هكذا سيهيء الله لهذا المرء وضعا يجد فيه نفسه في حيرة من أمره. إن الانزعاج الذي سيشعربه سيسمح له بتفكير الذنب المقترف


ذلك ممكن إذا ما ارتضى المرء –على سبيل المثال- أن يكون عرضة للإهانة من دون أن يرد بالمثل. فقد يسلط الله عليه،من حيث لا يتوقع – أثناء عمله، في مكتب البريد، في بيته...- أحد لئيمي الطبع، يخرق أبسط قواعد اللياقة ويكيل له الشتائم تلو الأخرى


الأفضل للمرء الذي أهين آنذاك، أن يدرك بأنه بصدد التكفير عن ذنبه. أما إذا ما كان يشعر بدافع قوي إلى الرد فسيكون من الأفضل له أن يطبق فمه. ففي هذه الحالة يكون السكوت أفضل الرفاق


في ضوء ذلك، تأخذ الإهانات التي نتلقاها في حياتنا اليومية مظهرا جديدا. إذا أدركنا بأننا نزل أكثر مما ينبغي لنا، فهذا يعني بأننا نفكر، بقدر قل أم كثر، في أنفسنا قبل أن نفكر في الله. فليس مفاجئا أن نجد أنفسنا في صدام لفطي مع أول قادم


قبل أن نسعى إلى الإهانة، يجب علينا أن نقبل بها و خاصة.. ألا نرد. إذا كان بإمكاننا الامتناع عن الرد، فسنشتري أخطاءنا الكثيرة


يجزم الرابي نحمان بوجود مستويين من مستويات الاصلاح. يكمن المستوى الأول في عدم الرد كلما تعرضنا للإهانة. مهما يكن دمنا في فورة، نملك أن نحافظ على هدوءنا وألا نجيب. أما المستوى الثاني – وهو أرفع بكثير من الأول – فيمكن بلوغه حين لا تؤثر فينا الإهانة مطلقا. لا لكوننا لا نرد فحسب، لكن لكوننا ننظر في من يهيننا كما لو أننا ننظرإلىقرد في حديقة الحيوانات. أسبق لنا أن أحسسنا بإهانة قرد يكشر في وجوهنا؟


حين نحافظ على هدوءنا، ونحن هادئين، نملك أن نقنع أنفسنا بأننا قد قمنا بجبرالأضرار التي كنا سببا في وقوعها. وللمجادل القائل بأن التعرض للإهانة لا يمكن أن يكون بالأمر المقبول إطلاقا، نجيب بأنه ينبغي التفكير في ذلك قبل أن ننظر إلى أنفسنا كمركز للعالم


لنسأل الله أن يعيننا على أن نجعله مركز أفكارنا


Share/Bookmark