الاثنين، 6 سبتمبر 2010

إيتاء فائدة الشك



" ألن تسمح لنفسك بذلك؟ رد عليه. كن رجلا."

عار علينا. عار على ثقافتنا وعلى حبنا النظيف.

في الدرس السادس من ليقوتي موحران، يعلم الرابي نحمان نقطتين مهمتين : 1) من الممكن التكفير عن سيئاتنا بلزوم الهدوء حين نتعرض للشتائم؛ 2) علينا أن نعطي فائدة الشك للمرء الذي كال لنا الشتائم. لقد قمنا باستعراض النقطة الأولى مؤخرا؛ وسنستعرض، هاهنا، النقطة الثانية

ليس من الهين دوما أن نعطي فائدة الشك. على أن الأمر يتعلق، بحسب الشرع اليهودي ( הלכה )، بالقاعدة العامة، باستثناء بعض الحالات الخاصة، كالتعاملات المالية على وجه الخصوص. حين نرى شخصا يتصرف بطريقة تبدو لنا غير لائقة، فعلينا أن نبدل الجهد لإيجاد سبب مقبول لمثل هذا السلوك. نتفهم الصعوبة

بالرغم من ذلك، فحين يشتمنا شخص ما، على مرأى ومسمع من الناس، يمكن أن يتبادر إلى أدهاننا استحالة إيجاد أي عذر لما حصل. إن إحراج شخص ما خطأ فادح يتجاوزنا مداه في الأغلب

يعلمنا الرابي نحمان، في جملة واحدة ما ينبغي أن ينصرف إليه تفكيرنا : إن الشخص الذي يكيل لنا الشتائم ليس مسئولا بالكامل على إيقاعي في الحرج. ففي الواقع، وبحسب ما يعرفه هذا الشخص – وكذلك بحسب طريقته في التفكير – فإنه يعتقد أنني استحق فعلا هذه الشتيمة."

إن المرء الذي يرقى إلى هذا المستوى من مراقبة النفس، لا بد أن يتلقى بركات من السماء، عطاء غير منقوص.. فإذا ما كانت الثقافة الحديثة تدفعنا إلى " أن ننطح" من يستدرجنا إلى التلاسن، فإن الرابي نحمان البراسليفي يعطي موعظة مختلفة : تذكر أن ما من شيء يحدث إلا ويحدث بأمر الله، و الحرج الذي نفر منه – لكن من غير الممكن تفاديه دائما – يطابق المشيئة الإلهية كذلك

لنبتعد عن ثقافة الكذب هذه التي هي ثقافتنا؛ لنفر من الظهور بمظهر الجبار القوي. إن من يقف على نفسه بالمراقبة لهو القوي حقا، وليس من يستجيب بطريقة غريزية. في مثل هذه الحال، يتشبه الكائن البشري بالبهائم

ربي أعني على أن لا أنسى انك خلفتني بشرا. أعني على تكريم وحفظ مقام الدور الذي أوكلت إلي

الفخر للموتى أحياء؛ فالفناء جوهرة المومنين.

Share/Bookmark

الخميس، 2 سبتمبر 2010

لا نحيا أبدا فرادى

(Poofy)

ينبغي على سالك طريق التوبة أن يستدعي قواه ويتابر على تثبيت أقدامه في سبل الله. ليس مهما أن يكون هذا المرء في صعود روحي، أو في سقوط. يشير إلى ذلك ما كتب في (المزمور 139: 8) : " إن أنا إلى السماوات صعدت، فهنالك أنت موجود، وإن أنا جعلت من جهنم مضجعي، فها أنت ذا ثانية"

بصيغ أخرى، رغم من أن هذا المرء يجد نفسه في حال صعود و يبلغ مستوى روحيا أسمى، لا ينبغي عليه أن يراوح مكانه، ولا أن يرضى بحاله. بل عليه أن يخبر الخبرة التامة ب: معرفة واعتقاد أن عليه المضي، إلى الأمام بإلحاح لا يفتر: هذا ما يقابل الخبرة في السباق، إنه ظاهر : "إن أنا إلى السماوات صعدت..."

والعكس صحيح أيضا. فرغم من أن المرء يهوي روحيا ، حتى في قرار عميق من جهنم - وقانا الله - فمع ذلك لا ينبغي له أبدا، أن يفقد الأمل، بل ينبغي له أن يتابر و في طلب الله. بغض النظر عن مقام هذا المرء، عليه أن يستجمع قواه ويرتفع بهمته بكل الوسائل المتاحة له. فالله موجود حتى في أعماق جهنم، وفي ذلك المكان أيضا، من الممكن أن نصل الله. وهذا يقابل: ...إن أنا جعلت من جهنم مضجعي، فها أنت ذا ثانية" ، في مثل هذه الحال، يتكلمون عن خبرة التوبة. ذاك لأنه من الممكن سلك طريق التوبة إن امتلك المرء هذين الصنفين من الخبرات.

كان الرابي نحمان البراسليفي دقيقا لما استعار كلمة " الخبرة" . يتعلق الأمر، في الحقيقة، بخبرة عظيمة للمرء حين يستحق أن يعرف ما يجب عليه عمله كي يتجشم المشاق ويكابد باستمرار في عبادة الله، كل ذلك وهو طوال يلك المدة يرجو أن يسمو بروحه إلى أعلى مستوى، ودون أن يسمح لشيء بأن يهوي به إلى أسفل. حتى وإن كان المرء، وهو على ما هو عليه – وقانا الله – ليس له أن ييأس. هكذا، يستجيب لما في الآية: "...إن أنا جعلت من جهنم مضجعي، فها أنت ذا ثانية"

تـعليق الرابي نحمان البراسليفي على ليقوتي موحران ( الجزء الأول، 6:11)


Share/Bookmark

الأحد، 29 أغسطس 2010

رؤيا واضحة

(F. Cupillard)

إن امتلاك رؤيا واضحة تعني القدرة على تأكيد – دون أدنى شك – الطبيعة البحت لما نراه. سواء تعلق الأمر بشيء محسوس ( شخص، شيء، منظر طبيعي...) أو مجرد ( استيعاب مفهوم، الإحساس بمشاعر شخص آخر، استشعار كذا...)، فالشخص الذي يستطيع تحديد هذا الشيء بالدقة المتناهية، يملك رؤيا واضحة.

إن القدرة على التمييز بين الخير والشر تتوقف على قدرتنا على امتلاك رؤيا واضحة. وبما أن كلا منا يرعى مصلحته، فإن حظوظ استحالة وجود شخصين يمتلكان التحديد نفسه للخير والشر فيما يتعلق بمختلف المظاهر التي تشكل حياتنا لجد متوفرة. وبتعبير آخر، في غياب الاختلاف تنتفي الخلافات. هذا ما يسمح لنا بإدراك القليل ضآلة الانسجام الحاصل بين الرجال – والنساء- فيما يتعلق بالتحديد الخاص بالخير والشر.

فإذا ما انتفى من الدنيا من يمتلك ما يكفي من الغرور كي يعلن بأنه – هو وحده – من يمتلك التحديد الدقيق، لوجب الاعتراف بأن بحثنا عن الحقيقة المطلقة يصير غير ذي جدوى و النزاعات بلا نهاية.

في المقابل، إذا ما ادعت قوة عليا- متعالية عن الفهم البشري- هذه الحقيقة البالغة الكمال، فهذا يعني بأننا نستطيع الاقتراب من الحقيقة المطلقة و أن نتمنى الموت أقل جهلا مما ولدنا عليه. هذا الطريق ينبغي سلكه والشرط كي نمضي عليه قدما إلى الأمام هو التواضع: أن نقبل بمحدودية فكرنا.

فاذا ما وجدنا المرشد المثالي الذي يرشدنا على هذه الطريق ،و الذي– رغم كونه من لحم وعظم – قد بلغ مستوى روحيا من غير الممكن أن يبلغه أي كائن بشري غيره، فلا ينبغي فراق هذا المرشد أبدا. بل حري بنا التماس أن يمد لنا يده وألا تضعف إرادتنا، بغض النظر عن الطريق التي يدلنا عليها.

لما كان اليهود يستمعون إلى موشي (موسى)، فإن كل من كان يؤمن به كان يتبع نصحه، حتى وإن كان يناقض المشيئة الإلهية. إن الإيمان، في هذه الحال، يدل على اليقين بأن الله، في النهاية، سيجيز أمر الحكيم. في غياب هذا الإيمان، أصيب شعب إسرائيل بأسوأ المحن. إن الذين أخرجوا العجل الذهبي، (قوراه) وزبائنه المزيفون..كلهم شركاء في الإثم: إثم أنهم، بذلك، قد أصابوا الرأي.

إن التحلي بالإيمان، هو التسليم بأننا لا نعلم شيئا،و لا نفهم شيئا. من جهة، يجب استعمال وظائفنا العقلية في حدود قدراتنا القصوى في المجالات المتاحة لنا. ومن جهة ثانية، ينبغي التسليم أيضا بأننا لا نملك أي فهم فيما يتعلق بالمجالات التي تتجاوز الفهم البشري. إن الثقافة الغربية تود أن تجعلنا نعتقد بأن موقفا كهذا يوحي بالشرك. يا له من جنون. يا له من هراء.

يا مالك الملك، أعني على نسيان ذاتي. أعني على الاعتراف بضعفي على فهم ما ينشئ حياتي. أعني على أن أحيا طبقا لإرادتك، اتباع سبيلك. لو أن لي القدرة على الإنصات لروحي و الإعراض عن طواغيت جسدي. أن أدع روحي تتحدث – أن أتجاهل جسدي - إلى الحد الذي استوجب فيه أن أوخز كي أحيا. آمين


Share/Bookmark

الجمعة، 18 يونيو 2010

الإهانة المكفرة عن الذنب



تدل زلة المرء حين يزل على أنه كان يفكر في نفسه قبل أن يفكر في الله. إن مخالفة المشيئة الإلهية لهي الأنانية في أقصى درجاتها. مع ذلك، فبلطفه المطلق، يتيح لنا أن نتوب من بعد زلتنا. في ليقوتي موحران 1 : 6 ، يصف لنا الرابي نحمان البراسليفي سير العملية


حين يقترف المرء ذنبا بدافع الأنانية، فمن الواجب عليه أن يصلح ما اقترفه بتدبير مطابق. (عين بعين). هكذا سيهيء الله لهذا المرء وضعا يجد فيه نفسه في حيرة من أمره. إن الانزعاج الذي سيشعربه سيسمح له بتفكير الذنب المقترف


ذلك ممكن إذا ما ارتضى المرء –على سبيل المثال- أن يكون عرضة للإهانة من دون أن يرد بالمثل. فقد يسلط الله عليه،من حيث لا يتوقع – أثناء عمله، في مكتب البريد، في بيته...- أحد لئيمي الطبع، يخرق أبسط قواعد اللياقة ويكيل له الشتائم تلو الأخرى


الأفضل للمرء الذي أهين آنذاك، أن يدرك بأنه بصدد التكفير عن ذنبه. أما إذا ما كان يشعر بدافع قوي إلى الرد فسيكون من الأفضل له أن يطبق فمه. ففي هذه الحالة يكون السكوت أفضل الرفاق


في ضوء ذلك، تأخذ الإهانات التي نتلقاها في حياتنا اليومية مظهرا جديدا. إذا أدركنا بأننا نزل أكثر مما ينبغي لنا، فهذا يعني بأننا نفكر، بقدر قل أم كثر، في أنفسنا قبل أن نفكر في الله. فليس مفاجئا أن نجد أنفسنا في صدام لفطي مع أول قادم


قبل أن نسعى إلى الإهانة، يجب علينا أن نقبل بها و خاصة.. ألا نرد. إذا كان بإمكاننا الامتناع عن الرد، فسنشتري أخطاءنا الكثيرة


يجزم الرابي نحمان بوجود مستويين من مستويات الاصلاح. يكمن المستوى الأول في عدم الرد كلما تعرضنا للإهانة. مهما يكن دمنا في فورة، نملك أن نحافظ على هدوءنا وألا نجيب. أما المستوى الثاني – وهو أرفع بكثير من الأول – فيمكن بلوغه حين لا تؤثر فينا الإهانة مطلقا. لا لكوننا لا نرد فحسب، لكن لكوننا ننظر في من يهيننا كما لو أننا ننظرإلىقرد في حديقة الحيوانات. أسبق لنا أن أحسسنا بإهانة قرد يكشر في وجوهنا؟


حين نحافظ على هدوءنا، ونحن هادئين، نملك أن نقنع أنفسنا بأننا قد قمنا بجبرالأضرار التي كنا سببا في وقوعها. وللمجادل القائل بأن التعرض للإهانة لا يمكن أن يكون بالأمر المقبول إطلاقا، نجيب بأنه ينبغي التفكير في ذلك قبل أن ننظر إلى أنفسنا كمركز للعالم


لنسأل الله أن يعيننا على أن نجعله مركز أفكارنا


Share/Bookmark

الأحد، 6 يونيو 2010

خصامات وخلافات


يحدث أن تأتي أيام يبدو لنا فيها أإمتنا الروحيين بأنهم لا يتفقون على أي شيء. طبقا للبعض، فإن شيئا ما مباح وطبقا لآخر فإنه محرم. طبقا للرابي الذي اتبعه، يجوز الذهاب إلى مكان ما وطبقا للرابي الذي يتبعه صديقي، فإن ذلك محرم.. أمام هذه الخلافات، نستطيع أن نستكين إلى فكرة أن العتمة الروحية التي نتواجد فيها، هي أيضا مقام أهل العدل. سيكون ذلك خطأ فادحا.

مفهوم "الثقة في العلماء"، هو قبل كل شيء مفهوم قطعي: ينبغي أن نمتلك اليقين في كون حكمائنا يملكون جزءا من الحقيقة أهم مما نملك نحن، و أنهم –جميعا- أقرب إلى الحقيقة أكثر منا. من المهم أن نفهم بأنه طبقا لهذا المفهوم، يجب تحصيل الثقة بعلمائنا كلهم وليس فقط أؤلئك الذين نعدهم علمائنا الخاصين بنا نحن.

بتعبير آخر، فإني إذا ما كانت لدي الثقة في أن الرابي الذي أتبعه سيحدد لي ما ينتظره مني الله بالتحديد، فينبغي أن أكون على يقين من ان الرابي الذي يتبعه جاري على صواب أيضا، رغم انه سينتهي إلى استنتاج مختلف. في هذه الحالة بالتحديد يلعب مفهوم الإيمان دوره. غالبا ما كان الرابي نحمان البراسليفي يقول: يبدأ الإيمان حيث ينتهي العقل.

إن الوعي بهذه القضية يقتضي فهم الأسباب التي تجعلنا نسمع هذه المخاصمات والخلافات. في الدرس 5 من ليقوتي محران يعلمنا الرابي نحمان أن الله يريد اتلاءنا بإ سماعنا خلافات الراي هذه.

إننا إن نحن ارتكبنا إثم الانحياز واستنكرنا رأي طرف من الطرفين، فإننا نكون قد سقطنا في فخ الميل السيء. إذا قلنا: " كيف لهذا الرابي أو ذاك أن يقول ما قاله؟"، فقد افترينا على حكيم من حكماء اسرائيل، وقانا الله. حري بنا أن نفكر – و/ أو نقول- بأننا نتبع رأي واحد من الحكماء لأن الأمر يتعلق- مثلا- بالرابي الذي نتبعه، أو أننا ينبغي لنا اتخاذ قرارا من أجل معرفة ما يجب فعله. علاوة على ذلك، ينبغي تحديد أننا بسلوكنا هذا، لا نحكم على القيمة الجوهرية للرابي الآخر.

إننا وإذ نتبنى هذا الموقف، نعطي الدليل على الحد الأدنى من الذكاء. ما رأيكم في مثل هذا: هل سبق لك وأن سمعت متعلما يحكم على قرار معلمه؟هل يستطيع طالب من شعبة الطب في السنة الأولى أن يفهم أسباب تصرف جراح كبير؟ على أننا ننسى هذا الحد الأدنى من المنطق عندما نسمح لأنفسنا أن ندلي بتقييمنا لرأي حكيم ما.

ليفتح الله بصائرنا ويعيننا على البقاء في مقاماتنا: تلك الخاصة بالطلبة الذين يعولون كلا على الذكاء وعلى سلامة الأئمة. إنه لسعيد مقام أولئك الذين هم من أهل هذه الطائفة.

Share/Bookmark

الأربعاء، 2 يونيو 2010

القداسة في عالمنا


هناك مفاهيم نعرف بوجودها، اللهم إذا ما كنا غير متعودين عليها. مفهوم القداسة ينتمي إلى هذه الفئة. قدسية الإله، و تلك المتعلقة بالتوراة.. حتى لو أننا سلمنا بوجودها – متى سلمنا بذلك – فمن المحتمل أن يصعب علينا أن نجد هذه المفاهيم بالقرب منا، في حياتنا اليومية. في العمل، في البيت الأسري، في أوقات الفراغ... ننزع إلى العيش " خارج " القداسة. إننا نترك مقاربتنا لهذه المفاهيم لأوقات دراسة التوراة، أوقات الصلاة...

نفترض أننا بإمساكنا كتاب صلوات، نربط علاقة خاصة بخالقنا. ومع ذلك فإن الأساس في القداسة قد يوجد في مكان آخر، حيث لا نتوقع وجودها دائما.

في "ليقوتي حلاقوت" (ליקותי הלכות)، يعلمنا الرابي " ناتان البراسليفي" بأن الأساس في القداسة يكمن في وعينا بأنها توجد في كل ما يحيط بنا، كل شيء مطلقا. ذلك ممكن متى اعترفنا بأن الله هو سبب في كل ما يشكل محيطنا، حياتنا.

هكذا، فإن التسليم بكون شيء خاص ينتمي إلى محيطنا يجد أصله في الله، يجلب القداسة إلى هذا الشيء. قد يبدو هذا الأمر بسيطا، تبسيطيا و مع ذلك...فكم مرة ننسى فيها أن الخالق قد خلق كل شيء. فبالقدر الذي ينطبق هذا الاستدلال أيضا، على كل ما هو مجرد، يجدر بنا أن نتذكر في الحالات التي نفضل كلنا، أن نتفادى فيها: صراعات بين أشخاص ، شتائم نكون ضحيتها.. هناك يوجد الله أيضا.

إذا علمنا بأن الله يوجد في كل ما يحيط بنا – المادي واللامادي- سندرك مستوى عالي جدا من الإيمان. في المقابل، عندما ننسى المصدر المقدس لشيء ما – أو لوضعية ما- نضع الله خارج عالمنا، نسأل الله السلامة. أن ننكر وجود الله لهو أسوأ شيء يمكن أن يحصل للمرء. حينما تواجهنا صعوبة في قبول الوضعية التي نوجد فيها – و نغضب - فقد رسخنا قرارنا: أن الله بعيد كل البعد عن ما يحصل لنا، نسأل الله الحفظ. فربما لأجل هذا ، يكون الغضب مساويا للوثنية حسب التلمود.

ينبغي لنا، في توجهنا القادم إلى الله، أن نسأله المعونة على ألا ننساه، كل ساعة، كل دقيقة من وجودنا؛ في كل الأمكنة وفي كل الأحوال. آمين.

Share/Bookmark

الثلاثاء، 23 مارس 2010

بني نوح : نصلي، لكن لذكر من؟

Bnei Noa'h : prier, mais qui ?


الصلوات يجب أن توجه إلى الله، بارئ الكون والذي لولاه لامتنع الوجود عن الوجود. هو الذي يجب أن تنوجه إليه بالصلاة و من غير وسيط.

لا ينبغي قول ما ليس في قلوبنا. إن الله لا يقبل أن نقرأ الكلمات المكتوبة على صفحة من الصفحات. إنما يريد أن يجذبنا إليه.

كتب الرابي شوارتز : " هناك أنواع عدة من الصلوات : صلوات الرغب، وتلك التي يمجد بها العبد الله، و تلك التي يحمده بها على النعم التي يجريها علينا، وتلك التي يستزيد بها إيمانه..."

كما توجد صلوات تتلى في حالات الاستعجال، وتلك التي لها صلة بمشاكل الصحة، الخ. إن الله يعلم ما يجري في حياتنا. ومع ذلك، فإذا لم نتوجه إليه بالخطاب ولم ندخله إلى حياتنا اليومية، فإننا ننكر- في الواقع- وجوده وحاجتنا إلى حضوره كخالق ومدبر لحياتنا.

نتشوق إلى أن نخاطبه ونقول له عن كل ما يطرأ في حياتنا. والسبب لا يكمن في أنه في حاجة الى ذلك؛ بل نحن من هم أحوج إليه. يجب أن نتذكر أن الله على كل شيء رقيب. يجب أن ينتابنا شعور بالاطمئنان متى علمنا أنه مدبر كل ما هو موجود. يجب أن نذكر بأنه الراعي وأن علينا اختيار الحياة باتباع أوامره.

بدون عونه وأوامره، لن نستطيع شيئا غير الخبط في الظلمة بعجز على بلوغ إمكانياتنا الحقيقية.

نملك الإرادة الحرة

ينبغي علينا أيضا أن نتذكر بأننا نملك الإرادة الحرة. معنى هذا أن الله لن يفرض علينا حضوره. لنا نحن أن نختار عبادته بحرية. إن صلواتنا تمثل عنصرا من عناصر هذه الإرادة. وهي في الواقع، تظهر استعدادنا لقبول عون الله و قبول أوامره في حياتنا.

علاوة على ذلك، فإننا أثناء صلاتنا، ينبغي أن نعلم أننا نتوجه إلى الله – بارئ الكون- كما ينبغي أن نبدي احتراما أكبر مما لو كنا نتوجه إلى رئيس دولة من دول العالم أو إلى ملك من ملوكها. بكلمة أخرى، ينبغي أن ندرك أننا نكلم ملك الملوك.

مثال : ما كان ليخطر ببالنا أبدا أن نلقي التحية إلى ملك من ملوك هذا العالم، دون أن نكون مرتدين اللباس بالكيفية المناسبة. وما كان لنا أيضا أبدا، أن نطلب من ملك أرضي أن يدخل حمامنا. هكذا، كلما كنا في صلاة ينبغي أن نتزيا بالطريقة السليمة وألا نقيمها في مكان غير لائق بها أبدا.

بام روجرز

( مقتطف من كتاب الصلوات الخاص ببني نوح : " العبادة القلبية "، سيصدر عن دار النشر" لابوز-كاف"* )

Editions de La pause-Café - *


Share/Bookmark

الأحد، 21 مارس 2010

حياة بني نوح (2)

La vie quotidienne des Bnei Noa'h (2)


بعد أن وضحنا الكيفية التي يجب أن يبدأ بها الفرد من بني نوح يومه، نستمر في جرد لائحة الأدعية الواجبة عليه. أذكركم بأن هذه السلسلة من المقالات تتبع توجيهات الراب يوائل شوارتز مسؤول محكمة العدل الخاصة بابني نوح بالقدس.
روح طاهرة

يملك البشر روحا. هذه الروح هي مصدر الطموحات الروحية لديه و ما يميزه عن عالم الحيوان. ولكونه قد نسي ذلك يتبنى الإنسان الحديث سلوكا يشبه في الغالب سلوك بهيمة.


تشبه الروح تلك العلبة التي نضعها في سيارتنا كي تنبعث منها رائحة طيبة. إن روحنا هي، في الحقيقة، ما يسمح لنا بجلب قليل من الهواء الرطب والنقي إلى أجسامنا. في غيابها، تكون شهوات الجسم والفتن من كل الأنواع هي ما يأخذ بزمامنا.

لا نملك روحا فحسب، لكن هذه الأخيرة هي من الطهر الكامل بمكان. في كل ليلة أثناء نومنا، تأخذ الروح طريقها في الدوائر السماوية. في ذلك المكان، تشحن بكمية جديدة من النقاء الإلهي. إنه بدون شك، المسار اليومي الذي يسمح لها بأن تبقى طاهرة، رغم المحن الكثيرة التي نعرضها لها كل يوم.

هذه الخصلة الممنوحة من السماء تستحق دعاء الحمد. كيف كان سيكون حالنا بدون أرواحنا؟ حيونات حقيقية تطاردها غرائزها، اندفاعاتها وطبيعتها المنفلتة من القيود. هكذا، بعد أن نرتدي ملابسنا، يجب أن نتلو الدعاء التالي :

" ربي، إن الروح التي أودعتني طاهرة. خلقتها، سويتها ونفختها في وحفظتها. ستأخذها يوما لا ريب فيه كي تعيدها إلي يوم القيامة. أحمدك أيها الحي الذي لا يموت، خالق كل شيء، ربي ورب كل روح، أحمدك ما دامت الروح بين جنبي."

هذا الدعاء يسبق لائحة من 13 دعاء نحمد به الخالق على نعمه الكثيرة التي أنعمها علينا. نأتي بالدعائين الأولين منها :

" بوركت أيها الحي الذي لا يموت، من يحي الموتى."

إن البعث جزءا لا يتجزأ من الإيمان. في الحياة الآخرة، سيبعث الموتى و ستحل أرواحهم بمكانها الطبيعي : أجسادهم. مع ذلك، فإن البعث لن يكون كسبا للجميع. فالذين اتبعوا سبيل رضوان الله سيكونون من أولئك الذين سيبعثون. أما غيرهم، فلا أحد يرغب مقاسمتهم مصيرهم.

"تباركت أيها الحي الذي لا يموت، رب العالمين، من هدى القلوب إلى التمييز بين الليل والنهار."

بهذا الدعاء، نحمد هاشم على أن وهبنا أصلا من الطبيعة البشرية، أصلا قويا لا يعوض : الإرادة الحرة. لأننا نملك إمكان ألا نقوم بذلك ، لذا نستطيع أن نأمل الجزاء بعد القيام بفعل الخير.

من المهم أن نسجل العلاقة المشار إليها في هذا الدعاء بين العقل والقلب. ففي الغالب ما نرى بأن العقل يرتبط بدماغنا فقط. بالرغم من أن ذلك ليس دقيقا في كليته، فهذا النوع من العقل ليس هو ما تنتظره منا السماء. إن الحكمة التي لا ترتبط بالقلب حكمة جافة، وقد تكون سببا في الفظائع الكبرى.

من جهة أخرى، فالعقل الموصول بالقلب هو ضمانة الحكمة الحقيقية : تلك التي تتيح لنا طاعة الله والاقتراب منه. هذه الحكمة وحدها هي التي تستحق اسمها؛ أما غيرها فليست سوى حجبا تبعدنا عن أصولنا المقدسة.

يتبع...

Share/Bookmark

الأربعاء، 3 مارس 2010

بني نوح : أريد مشاطرتكم

Bnei Noa'h : j'aimerais partager

" أود أن أقول لكل اليهود، سواء كانوا متدينين أم غير متدينين، أنهم يملكون بين أيديهم أجمل هدية : الله. لأولئك الذين لم يقتنعوا، دعوني أوضح لكم.

أنا شابة في العشرين سنة من عمري، لست يهودية و مع ذلك، فقد أتى الله كي يقلب حياتي قبيل شهور قليلة تقريبا. لو أن أحدا كان قد أخبرني بذلك قبل شهور، ما كنت بالتأكيد لأصدق.

في لحظة معينة تكون للمرء الرغبة أن يلهو في حياته، أن يغتنمها، لأن ليست له إلا حياة واحدة. قد يكون شابا، وسيما، لديه رغبة في اكتشاف الحياة، أن يتبث ذاته. نعرف بأن مسؤوليات الكبار تترصدنا قريبا، إنها إذا اللحظة التي لن تتكرر أبد.

حياة صاخبة ؟

خلال سنوات عدة، قضيت كل مساءات يوم السبت في علب مدينتي الليلية الموصولة بوسائط الأتصال. قضيت فيها رفقة أصدقائي أكبر الأمسيات؛ منتصف الليل رائع. يكون المرء برفقة أصدقاءه، يلتقي أناسا كثيرين، يرقص، يشرب، توجد أفضل الموسيقى، حقا إنه جو جميل جدا. أولاد يأتون كي يحاولوا، إسوة بالبنات، أن يغادروا المكان بصحبة أحد ما. لا أحد يشد برأسه، فالمرء يأتي ليغتنم حياته، ليلهو وينفجر.

لقد حضرت كل الأمسيات، لم أترك منها لحظة من منتصف الليل إلى الساعة الخامسة صباحا. رأيت كل الأشياء و فعلت منها الكثير. كانت الآحاد بالنسبة لي أياما بدون عمل، لا أستيقظ فيها إلا متأخرة، أياما أستيقظ فيها بألم في الرأس، وبثقوب سوداء جراء السهر، الخ.

ثم في يوم من أيام هذا الصيف، كنت في أمسية وحدث لي ما يشبه الوميض. تراجعت ذهنيا إلى الخلف فرأيتني ممثلة في المشهد وشاهدة في الآن نفسه. وهنا شعرت بالاشمئزاز : كنت أرى أناسا تعساء، أناسا يستعرضون أنفسهم، بنات لا يقدمن للأولاد سوى أطرافا من لحمهن. أناسا مثيرين للسخرية، سكارى، يقولون أي شيء ولا يقدرون على الوقوف منتصبين، أناسا يتقيئون، أناسا يتشاجرون، بنات يلتصقن بموائد حيث الأولاد الذين يتوفرون على المال، وأستطيع أن أسترسل و أسترسل.

هل هذا هو إذا ما أحب، أنا مثلهم؟ هل أرغب في أن يراني الناس على هذه الحال؟ هل ستكون أمي فخورة بأن ترى ابنتها في هذا المكان؟ أ ليس لدي أي احترام لنفسي؟ هل هذه هي حياتي؟ هل أستفيذ شيئا من هذا ؟ هل يسعدني هذا؟ بالتأكيد لا.

شربت لترات من الفودكا، من الشمبانيا، من قيت، من كاليبو، ومن كل ما تشاءون، قبلت أولادا لم يكن لي بهم أي حجة. رقصت طوال ساعات على كعب ب10 سم. لكن لحظة العودة إلى البيت، كنت أشعر بأنني دوما وحيدة. لأن كل شيء يمر، لاشيء يبقى.

ما ذلك كله سوى وهم، يكمن في الرأس، إنها رقائق من ورق. لما نلقي بها إلى الهواء، يبدو المشهد رائعا، لكنها تسقط كلها، وما أن تستقر على الأرض حتى يتلاشى.

يلقي المرء بنفسه في الماديات والكماليات، لكونه يعتقد بأن هذا من شأنه أن يملأ الفراغ الذي نحمله بداخلنا. مثلا : ترغبون بعمق في شيء ما؛ لست أدري ما هو بالتحديد : سيارة، محمول، لباس جديد، ما تريدون. أثناء ذلك، لا تقولوا لي بأنكم لن تملوا مدة بعد ذلك. إذا يمل المرء، يرغب في تغيير الشيء ويشتهي أكثر. إلا أننا لن نقنع أبدا.

للذين يرضيهم هذا العالم أقول لهم، نعم ذلك أفضل وأتمنى لكم كل السعادة الممكنة، أما لكل الذين لايجدون الرضى، و يشعرون دوما بأن شيئا ما ينقصهم، عنصر صغير لكن هو بالنسبة إليكم أكبر بكثير.

من الغباوة أن نقول ذلك، لكن هذا الشيء الصغير الذي ينقصنا هو الإيمان بالله. لست أدري لم يبدو القبول بذلك ضربا من الحماقة. لكنني أنا الحجة في كل ذلك.

إن الرأس هو ما أول ما يحاصر، لست أدري لم تصر عقولنا على عدم الإيمان به. ربما لكون ذلك الأمر يتجاوزنا شيئا ما ويفزعنا بحقيقة أننا لسنا في نهاية المطاف سوى كائنات صغيرة على الأرض.

كلمة صغير لأصدقائي اليهود

أيها اليهود، إنكم لا تتصورون هبة السماء هذه التي بين أيديكم، هذا الإيمان وهذه المعرفة. إنكم ولدتم به، لذا بالنسبة للبعض، فأنتم لا تعيرونه أي اهتمام. ذلك لأن المرء في الغالب لايعير اهتماما للشيء إلا حين يفتقده.

أستطيع أن أقول بأنني عرفت الفراغ وكلما عثر المرء على ما يملأه، فمن المستحيل أن ينهزم. إنه لمن الصعب الوصول إليه، لكن إيماني الصادق بالله سيقودني إلى حيث ينبغي، لأنني أعرف أن الله معي ومعكم انتم جميعا.

لن يبلغكم هذا النص كل العواطف التي أود أن أشاطركم بها ، لأنني لست كاتبة، لكنني أود أن أبين لكم جميعا، يهودا وغير يهود، بأن هذه هي الحقيقة. لا يتعلق الأمر هنا بنص دراسة، لكن بتجربة حقيقية. إن لذة الاقتراب من الله لموجودة حقا.

كنت أتسائل دوما، وأنا أستمع إلى الراف رون شايا، عم كان يمكنه أن يتحدث. الآن أعرف وأتمنى لكل واحد أن يشعر به يوما ما؛ ذلك لأنه أروع شيءم الوجود.

ميلاني بيريت "


Share/Bookmark

الثلاثاء، 2 مارس 2010

حياة " بني نوح" اليومية.

La vie quotidienne des Bnei Noa'h

غالبا ما يطرح "بني نوح" السؤال : كيف يغير قرار اتباع أوامر التوراة التي أمر بها " هاشم " الأشخاص غير اليهود ، طريقة الحياة؟ لا يبدو حقا، أن نظرة سريعة تلقى على الأوامر السبع الواجب على هؤلاء الأشخاص احترامها، أنها تغير بعمق أسلوب الحياة المعتاد لدى شخص ما.

أقدم اليوم المقال الأول من سلسلة تتوخى إعطاء وجه عملي لإيمان "بني نوح". بعض المقاطع من هذه السلسلة مقتطفات من كتاب : " العبادة القلبية "، وهو أول كتاب صلوات بالفرنسية موجه إلى "بني نوح"، والذي يفترض أن يصداره السنة القادمة – بحول الله - عن دار النشر " لبوز-كفي"*.

حمد الله

ينبغي أن تكون الصلة التي تصل شخص ما بالخالق مبنية على أساس الحمد المتكرر المتوجه إلى الله. هذا المفهوم يكتسي أهمية قصوى ل" بني نوح" أكثر مما هو بالنسبة للأشخاص اليهود. وبالنظر إلى العدد الوفير من الأوامر المفرضة على الشعب اليهودي، فغالبا ما يتم تعويضه بأمر خاص ينبغي تنفيذه.

من جهة أخرى، فإن على "بني نوح" عددا محدودا من الواجبات التوراتية، وبالتالي يتوفرون على الوقت الكافي لصياغة دعواتهم.

حمد " هاشم " مبدأ حيوي في حياتنا ولا ينبغي الاستغراب من وجوب حمد الخالق منذ أن نستيقظ،، هكذا، فحين يستيقظ شخص ما، ينبغي عليه أن يوجه فكره إلى السماء ويقول :
" أحمدك، أيها الملك الحي الذي لا يموت بأن رددت علي روحي رحمة منك؛ ما أعظم فضلك."

إن استئناف يوم جديد فرصة فريدة للإكثار من الأعمال الدالة على عظمة الله. هذه الجملة القصيرة – التي تمثل الدعاء الأول الواجب على "بني نوح" أن يدعو بها كلما استيقظ – تشبه تلك التي يدعو بها الأشخاص اليهود. نعلم من ذلك أن البشر جميعا هم من يجب عليهم حمد " هاشم" فجر كل يوم.

إذا كنا قادرين على حمد الله منذ اللحظة التي نفتح فيها أعيننا و كنا نقدر على المحافظة على حال الاعتراف بالفضل طيلة اليوم، سنشعر بالقرب من الحضرة الإلهية باستمرار. إن هذا الشعور هو حليفنا الأساس في مواجهة تحديات الحياة الكثيرة.

عندما يغادر شخص ما سريره، ففي الأغلب ما يسرع إلى المرحاض؛ فإن لجسمنا حاجاة لا يمكن تجاهلها. أن يعيش المرء إيمانه بشكل يومي، هو أن لا يترك لحظة تمر دون أن يحمد السماء. هكذا يصير ما كان مجرد عنصر من عناصر حياتنا لا قيمة له، إلى فرصة لحمد الخالق.

لنتأمل ذلك : ينبغي لشخص ذي جهاز هضمي لا يعمل بالصورة الطبيعية أن يعالج بأسرع ما يمكن و بقدر كبير من الاستعجال. فإذا كنا نسعد بقدرتنا على الأكل والشراب كل يوم، فلا ينبغي نسيان أهمية أن تكون لنا أجسام تقوم وظائفها الحيوية بدورها.

لذلك يجب بعد أن نذهب إلى المرحاض وأن نغسل أيدينا، أن نقول :

" تباركت، أيها الحي الذي لا يموت، يا إلهنا رب العالمين، خلقت الإنسان بحكمة وخلقته بشرج وفتحات. قد كشفت وعلَمت أمام عرش عزتك أنه إذا اختل أحدها او انسد، فلا قدرة على القيام أمامك. تباركت، أيها الحي الذي لا يموت، يا من يشفي كل الأبدان ويا من يجري المعجزات.

لا ينبغي لنا أن نفاجأ بهذه الصيغة من الدعاء : فإذا كانت أجسامنا تلقى صعوبات في التخلص مما ينبغي التخلص منه، فإن طاقتنا على عبادة " هاشم " تقل بشكل كبير. ينبغي لفكرنا أن يتجه إلى دوائر السماء كلما نطقنا بالدعاء : إنه لأمر مفرح أن تكون لنا أبدان تمككنا من طاعة الخالق.

هذا هو الدعاء نفسه الذي يتلا من طرف الأشخاص اليهود. يحمدون هم أيضا رب العالمين بأن أعطاهم القدرة على أن يجعلوا من أجسامهم مركبة حقيقية لعبادة الله.

إن هذين الدعائين مثال جيد لمهمة كل كائن بشري : البحث عن الحضرة الإلهية و البقاء بمعيتها في أدنى حركات حياتنا.

يتبع...

Share/Bookmark

الاثنين، 1 مارس 2010

بني نوح : قصتي

Bnei Noa'h : mon histoire

" العزيز دفيد يتسحق،
قبيل شهور قليلة كنت ما أزال ملحدة. أنا الآن "بت نوح".

لما كنت صغيرة، كانت أمي تتمنى أن أتلقى تربية دينية –كاتوليكية – كالتي تلقتها هي. أولا كي لا أبقى جاهلة تماما، وأيضا كي أتمكن يوما ما، إذا ما اعترضتني مشاكل، أو أحسست بأني لست على خير، أن أتوجه إلى أحد ما، هو الله.

بالنسبة لضعاف الإيمان، ففي الغالب، لما تسوء الأحوال أوحين يجد المرء نفسه في وضعية مستعصية، يتوجه إلى الله يلتمس العون والتأييد.

لقد تم تعميدي، وحضرت القربان المقدس كما تابعت بعض دروس التعليم الديني. درست إذا بسرعة توراة النصارى وحياة يسوع. لا أذكر شيئا من ذلك بالتحديد، عدا أنني لم أكن مهتمة. هناك شيء ما في تلك الحكايات تمنعني من أن أومن بها، لم أكن أشعر بالقرب حيالها.

وشيئا فشيئا نسيت، وأنا أكبر، يسوعا وكل أسراره.

أثناء دراساتي، اتبعت طريقا علميا، ينبني على ملاحظة الوقائع الحقيقية كي يمكن استنناج دقتها. كنت في حاجة إلى أن أرى وأعرف كي أومن. كان الأديان بالنسبة لي إذا، بعيدة كل البعد. علاوة على ذلك، لم التفكير لساعات والتساؤل بلا انقطاع عن وجود الله، إذا كنا، بكل حال من الأحوال لن نحصل على دليل حقيقي على وجوده.

زد على هذا، توجد في كل مكان من الأرض، الكثير من الشرور و المظالم والفظائع، فهل نسينا الله؟

قررت إذا، أن أعيش حياتي هكذا لسنوات عديدة، أتبع غريزتي وحياتي الصغير. لكن في غمرة تلك الحياة، اشتعلت أفكاري. لم أنا هاهنا؟ هل سأحيا حياتي، أحصل على عمل و أبناء وأموت؟ ما الهدف من هذا كله؟ لم تحق لي أنا هذه الحياة المترفة التي أحيا، في الوقت الذي يموت فيه الآخرون من الجوع؟ هناك خطأ ما.

كل هذه الأسئلة صارت تتكرر أكثر فأكثر وكانت تزعجني. كان علي أن أجد جوابا، أن أعرف مرة وإلى الأبد.

أنا الآن أتردد منذ شهور قليلة على أصدقاء يهود، لكن لم تنجح لحد الآن ولو شهادة واحدة من شهاداتهم أن تحملني على تغيير رأيي.

ثم في هذا الصيف، ذهبنا إلى اسرائيل. هناك حيث بدأت أشعر بوجود الله، إله إسرائيل، ذلك الذي كنت أراه جديرا بإمكان الوجود. كنت أطرح المزيد من الأسئلة على أصدقائي، أسئلة ملغومة على وجه الخصوص : " في نظركم، أين توجد الدينصورات في التوراة، مادامت أنها كانت موجودة حقا، ونتوفر على حجج؟ إلا أن أجاباتهم كانت في كل مرة، تفكك شيئا ما كل نظرياتي.

لقد بلغ بي الأمر أن أطرح أسئلة تبدو لي الآن مشينة تجاه الحاخمات.

كنت أنذاك، أثناء بحتي عن الحقيقة قد توصلت إلى " اليهودية أم لاشيء". تركت جانبا، بصفة نهائية، الإسلام والنصرانية.

وصلنا إلى القدس؛ كانت قد دفنت بها جدة إحدى الصديقات. أقام أحد الحاخامات الصلاة، كان ذلك مؤثرا جدا، لم يسبق لي في حياتي أن مررت بمثل هذه التجربة، ثم باركنا. انفجرت باكية. لم أقدر على شرح ما حدث لي، لم تكن لدي أية فكرة عن ذلك.

أثارت هذه المدينة مشاعري، إنها خارج الزمن. كنا أبعد تماما عن " عالم الاستهلاك " والحماقة البشرية. كانت هادئة ومريحة ومثيرة للمشاعر في الآن نفسه.

بعد العودة إلى مرسيليا، كنت لم أظفر بعد بالجواب الذي كنت انتظر، حتى وقعت على موقع إنترنيت " ليفا " لل"راف رون شايا". في دروس قليلة، يستطيع أن يبرهن على وجود الله ويشرح لنا الكيفيية التي بها خلقت الأرض، موفقا في ذلك بين الدين والعلم. كان يعمد إلى تبسيط المفاهيم التي لم يكن لنا ربما لنفهمها أبدا.

هكذا وجدت أجوبتي، لكنني لم أكن قريبة من الله. ثم بعد ذلك، سقط جد إحدى الصديقات مريضا، أسال الله أن يحفظه. تأثرت كبير الأثر؛ فلقد كان بالنسبة لي رجلا عظيما، وكنت أحترم فيه كثيرا لطفه اللامحدود. كان يدعوني إلى عائلته لوجبة كل سبت تقريبا. فكان ذلك اليوم هو اليوم الذي بدأت فيه أصلي.

منذ ذلك اليوم وأنا أصلي لله كي يديم علي الهداية إلى الطريق المستقيم الواجب اتباعه.

اليوم، قد خطوت إلى الأمام : أنا " بت نوح "

Share/Bookmark

السبت، 27 فبراير 2010

أبناء نوح : احترام الشرائع

Les enfants de Noé : le respect des loi


" العزيز دفيد يتسحق،

أنا سعيدة جدا أن أعلم بأن غير اليهود هم أيضا يحضون بعناية الله ماداموا يخضعون لشرائع نوح السبع. لقد قوي إيماني بالله بمجرد إدراكي لهذه الشرائع و عملي بها لكن ما يزعجني قليلا، كون احترام هذه الشرائع لا يغير في الواقع شيئا ملموسا في حياتي اليومية. يلازمني هذا الشعور لأنني ليست لدي انطباع حول تغيير مواقفي على مستوى الأفعال.

وحتى بدون هذه الشرائع، ما كان لي أبدا أن أقتل أو تكون لي علاقات جنسية محرمة، الخ. ومع ذلك، فالآن وقد قوي إيماني بالله، وددت لو أنني أقوم بأعمال ملموسة تدل حقا على أنني قد تغيرت.

لقد تغيرت كثيرا، بطبيعة الحال، طريقتي في التفكير والنظر إلى الأشياء، لكن بغض النظر عن قراءاتي الكثيرة عن الموضوع، والعودة إلى الكتب مثل التوراة، أو الصلاة مرتين في اليوم، لست أدري ما العمل الآن أكثر من ذلك. أفترض بأن أحد الأدوار التي علي أن قوم بها هو بالتأكيد أن أبلغ إلى الناس كما فعل معي آخرون؟ لكن هل مهمة غير اليهودي تنحصر هاهنا أم هناك أشياء أخرى علي العمل بها؟"

أشكرك على رسالتك وأشجعك من كل قلبي على أبحاتك الروحية. ليس فحسب أن الخالق يدخل في عنايته من هم غير يهود، لكن قدر الشعب اليهودي سيبلغ هدفه النهائي فقط لما يقر غير اليهود بربوبيته. هكذا، فإن العبارة " كلنا في السفينة نفسها" تجد التطبيق المثالي في قدرك، كما في قدر أي من اليهود كائن من كان. إننا جميعا نرغب في أن نبث إلى الله بإننا نحبه و أننا جميعا نرغب في التقرب إليه.

إننا جميعا نرغب في أن نبث لله حبنا و أننا جميعا نرغب في التقرب إليه.

أنا أتفهم إحباطك عند اطلاعك على شرائع نوح السبع التي يخضع لها "بني نوح". وسعيد حقا لكونك لم يسبق لك أبدا أن قتلتي نفسا، أو ارتكبت فاحشة الزنى. كما أظن أنه باستطاعتي أن أفترض أنك لا تسرقين و ليس من عادتك أن تأكلي لحم حيوان حي. هكذا يدل الظاهر بأنك كنت تحترمين الشرائع السبع. حتى قبل أن تعلمي بوجودها.

دراسة تطبيقية.

مع ذلك، فالحقيقة شيء آخر وجمال الدراسة هو ما يسمح بالكشف عنها. كي نبدأ، ينبغي القول بأن شرائع نوح السبع تمثل سبع فئات مختلفة من الشرائع تتضمن الواحدة منها أخريات. فعندما نأخذ في الاعتبار الشرائع الأساسية (شرائع نوح السبع) و الشرائع الثانوية، نحصل على مجموع غاية في الأهمية، سنعمل على شرح تفاصيلها في مقال قادم.


- تحريم عبادة الأوثان : إذا كنا نعتقد بأن عبادة الأوثان لا تخص إلا الأديان، فمن المؤكد أن في أيامنا هذه، قلة من الناس هم على عبادة الأوثان. مع ذلك، إذا علمنا بأن المال والرياضة و الموسيقى.. يمكن لها أن تأخذ شكل الأوثان، ندرك بأن خطر خرق هذا النهي خطر حقيقي.

تحريم قتل النفس : إن مجتمعانت تناقش باستمرار الحق في الإجهاض أو القتل الرحيم. طبقا لقوانين التوراة، فإن هذين القانونين يمثلان شكلا من أشكال الجريمة ويتعارضان مع الإرادة الإلهية. فحينما نجد أنفسنا أمام هذه الحالة، فهل نعمل حقا على معارضة هذه القوانين أو مشاريع القوانين في كل نقاش يدور في البلد الذي نعيش فيه؟

تحريم السرقة : قد يكون التصريح بالضريبة أو إجراء جرد بعد سرقة ما مناسبة يمكن فيها أن تكون لدينا النية في السرقة. في الحياة اليومية حقا، يمكن لهذه الأوامر أن تخرق، إذا ما نحن تخلينا عن الحذر.

تحريم أكل عضو حيوان حي : أظهرت دراسات في الولايات المتحدة أن المسالخ لا تنتظر دوما أن تموت الحيوانات قبل البدء في تقطيع لحمها. إن كان هذا يقع، فإننا نخرق الأمر القاضي بتحريم أكل لحم حيوان ذبح في مثل هذه الظروف. فهل لدينا معرفة بما يحدث في مسالخ بلدنا؟

هناك أمثلة كثيرة يمكن سردها. إن ما ينبغي الاحتفاظ به من هذا العرض، هو أنه لا ينبغي أن نسلم بأن تطبيق شرائع نوح السبع أمر سهل، إذا لم ندرسها بجدية. إذا ما أدركنا ذلك فقد قمنا بالخطوة الأولى لبدء دراستنا.

في المقال القادمن سنعرض للأسس الثلاثة لعبادة الله : الصلاة، رؤية الله في حياتنا اليومية و احترام الشرائع السبع.

Share/Bookmark

الخميس، 25 فبراير 2010

أبناء نوح أو اقتصاد اعتناق اليهودية

Les enfants de Noé ou l'économie d'une conversion


"العزيز دفيد يتسحق،

أرغب في اعتناق اليهودية، لكن أعترف بأنني متخوفة شيئا ما من الاستقبال الذي سيخصني به الحاخامات. هل بإمكانكم أن تطمئنوني وتدلوني إلى ما يمكنني فعله حتى أفوز؟" ( مريم ك. فرنسا)

العزيزة مريم،

قبل أن تفكري في أن تتحولي إلى اليهودية، أقترح عليك التفكير بجد في دوافعك الحقيقية. ففي الغالب الأعم، تكون الرغبة في تغيير الدين ثمرة لمظهر تقني خاص بقوانين الزواج اليهودي: زواج كهذا لايمكن أن يتم إلا بين طرفين يهوديين، أما من ليست يهودية فينبغي لها أن تعتنق اليهودية قبل أن تنعم بأفراح الزواج. الحاصل أن المكان المخصص للإله –في هذه الاعتناقات- إن كان لهذا المكان وجود، لا يكتسي أية أهمية.

الاعتناق...لأجل التقرب إلى الله؟

الشيء المثالي هو أن الرغبة في الاعتناق ينبغي لها أن تنبعث من شعور الشخص بالمحبة تجاه الإله. بالرغم من كون التعبير بالكلمات عن هذا النوع من المشاعر صعب، فإن المرء يستطيع أن يشعر في أعماقه برغبة في التقرب إلى الله وأن يخضع لمشيئته. عندما نلج هذا المنطق، يمكن لطهر المشاعر لدى كل شخص أن يرقى أحيانا، الى جمال لا يمكن أن يقدره حق قدره إلا رب العالمين.

المفارقة تكمن في أن هذه المحبة و هذه الإرادة في التقرب إلى الله لا توجب أي اعتناق لدين جديد من طرف المرشح(ة) المحظوظ(ة). ولقد عاشت أجيال بكاملها من الأفراد – وماتزال تعيش في أيامنا هذه – بفكرة أن التوراة تخاطب اليهود فحسب، بينما للنصارى و للمسلمين كتبهم المقدسة الخاصة بهم. ما أبعد هذا عن الحقيقة.

إن كلمة الله للناس كافة

إن كلمة الله إلى الناس كافة والتوراة ( يعني: التكوين، الخروج، اللاويين، العدد، التثنية) تخاطب كل المخلوقات الحية. وترتبهم في فئتين متميزتين: مجموعة "الكهنة" ( الشعب اليهودي ) الذي يتحمل مسؤولية عبادة الله بشكل دائم، وبقدر مهم من الأوامر ( 613 بالتمام ). فئة الأشخاص الأخرى، هم بقية الناس الذين يلزمهم الله باتباع شرائع نوح السبع. هكذا، فسواء كنا يهودا أم لا، فليس هناك من سبب للرغبة في تغيير المجرى الطبيعي للحياة: يكفي التشبت بالدور الذي منحه الله إيانا يوم ولدنا.

لهذا السبب لاينبغي أن يكون الاعتناق هو الطريق المختارة مسبقا – من طرف غير اليهودي - للتقرب إلى الله. بل ينبغي لهذا الشخص أن يتعلم طبيعة شرائع نوح ( التي تحتوي أيضا شرائع متاخمة للشرائع السبع الأولية )، والطريقة التي بها تتم على أكمل وجه ممكن. بمثل هذا سينجز بالضبط ما كان يرغب في فعله باعتناقه اليهودية.

هذه نصيحتي لكل شخص يفكر في اعتناق اليهودية: ابدأوا بجمع المعلومات عن شرائع نوح ووطنوا أنفسكم على الخضوع لأمر الله كما يفرضه الوضع الذي ولدتم عليه.

قد تعودت الإجابة على كل أسئلة الأشخاص الغير يهود والذين لا يرغبون في تجاهل طبيعتهم الروحية، لكنهم لايشعرون بالضرورة بأنهم قريبين من الديانات الأخرى ( لأسباب يطول جدا شرحها في هذا المقام). فأن يحيا المرء حياة "ابن نوح" لهو أسلوب رائع لإشباع حاجته الروحية، عملا بما ينتظره منا الله.

أتمنى لك النجاح في مشروعك الجديد وأنتظر بشوق أسئلتك .


Share/Bookmark

الثلاثاء، 23 فبراير 2010

مدارج مقدسة



مدارج مقدسة


أثناء عباداتنا، نسمع بتعبير " الصعود بدرجة". يدل الصعود بدرجة على أن المرء قد اقترب من الهدف النهائي، من الله. مع ذلك، فإذا كان من السهل أن نتبين اللحظة التي نصعد فيها بدرجة، حين يكون الدرج واضحا، ففي المجال الروحي غالبا ما يكون من الصعب معرفة ما إذا كنا حقا قد صعدنا بدرجة إضافية .

لنضرب مثل رجل قرر أن يقترب من خالقه وأن يصلي، كما تأمر الشريعة بذلك. حينما يحقق هذا الشخص هذا الهدف، فمن الواضح أنه قد صعد درجة: لم يكن يصلي من قبل؛ وهو الآن من أولئك الذين يصلون طبقا للشريعة. هكذا الأمر كلما أخذنا على عاتقنا أن نلزم أمرا إلهيا لم نكن نأبه به من قبل.

بعد ذلك، يصير الحد الفاصل بين درجة وأخرى أقل وضوحا. هكذا، وبعد مرور زمن في الصلاة، يدرك هذا الشخص –مثلا- بأن تركيزه لا يرضي. بعد أن يستجمع شجاعته بقوة، يقرر أن يلتزم بالنطق السليم لكل كلمة من كلمات الصلوات الواجبة. هاهي ذي درجة أخرى ثم بلوغها.

في هذه الحالة، يبدو أن الميل السيء هو من يتحمل تكاليف القرار المقدس لهذا الشخص. وبما أن هذا الأخير لا يستسلم أبدا، فإن التركيز الجيد لدى هذا الشخص لا يكاد يدوم إلا وقتا ضئيلا. أيتعلق الأمر بالسقوط بدرجة؟

فإذا لم يخفض الشخص في مثالنا ذراعيه، فسيشمر عن ساعديه وسيستمر في صلواته بحماسة ترد الميل السيء خائبا. درجة أخرى من الدرجات االصاعدة؟

نستطيع أن نستمر طويلا بخصوص مظاهر أخرى من مظاهر عباداتنا: الأكل كما يجب علينا أن نفعل، حسن الظن، محبة القريب...

ما هو مهم معرفته هو كون درجة جديدة تصعد بنا لا تعني بأي حال من الأحوال نهاية الرحلة، بلوغ الكمال. وكدرج لا نهاية له، فإن تقدمنا في اتجاه القداسة لا حدود له. في الحقيقة، غالبا ما يكون فكرنا، رغباتنا، هي الحواجز الحقيقية لمتابعة تقدمنا. في هذه الحالة أيضا ينبغي أن نتوجه إلى الله و أن نضرع إليه، أن نسأله المعونة على أن نتخلص – مؤقتا على الأقل- من ميلنا السيء. فمن دون معونته نعرض أنفسنا أكثر من اللازم، لخطر الخضوع لاعتداءات هذا الأخرق المتكررة. نكون مخطئين إن اعتقدنا بأننا نملك القوة –الروحية و البدنية- اللازمة للانتصار. من دون الله، سنجد أنفسنا بعيدين كل البعد عن الحقيقة و.. أن لاشيء يقلق في ذلك.

لنتخذ قرارا: قرار أن نصعد الدرج، دوما وبدون توقف. ليس مهما أن ننزل في مناسبة ما؛ فهذا سيمكننا من الانطلاق مرة أخرى بعزم كبير و أن نبث إلى الله محبتنا، وشوقنا إليه.


Share/Bookmark

الأحد، 21 فبراير 2010

أبناء نوح : تقديم

Les enfants de Noé : présentation

أبناء نوح : تقديم

إذا سأل المرء عددا مهما من الناس عن الرابط الموجود بين التوراة ( كتب موسى الخمسة : التكوين، الخروج، اللاويين، العدد والتثنية ) و الذين ليسوا بيهود، فإن الجواب المعتاد هو : "لا رابط".

طبقا لهذا المنطق، فإن اليهود لهم التوراة، وللنصارى العهد الجديد والعهد القديم وأن للمسلمين القرآن. نتيجة هذه الحالة هي أن نترك في" أرض ممنوعة" روحية كل الذين يرون بأنهم يؤمن بالله، لكنهم ليسوا بيهود، ويشعرون بأنهم ليسوا قريبين لا من النصرانية ولا من الإسلام. هذا هو ما أشد خطورة من كون هذه النظرة لا تطابق الواقع.

توراة واحدة للناس أجمعين

إن قراءة متأنية للتوراة تكشف بأن الله فرض بعض الأوامر المحددة على الشعب اليهودي وأوامر اخرى – محددة أيضا- على باقي أمم الدنيا. ولذلك، من الخطأ القول بأن التوراة لا تخص إلا ذوي الديانة اليهودية.

وبما أن هذه الأوامر التي لا تخاطب الشعب اليهودي أعطيت لنوح ولأبناءه ( لما غادر هؤلاء الفلك)، فإن الذين يتبعون هذه الأوامر يسمون أبناء نوح، أو بالعبرانية : بني نوح.

أوكلت إلي دار النشر الأمريكية " أوكلاهوما بني نوح سوشيتي" مسؤولية الترجمة إلى الفرنسية لكتاب الصلوات الأول الخاص بالذين يؤمنون بالله، لكنهم ليسوا بيهود، وليسوا بنصارى أو بمسلمين. بكلمة أخرى، أنا سعيد جدا بأن أشارك في مشروع النشر لكتاب الصلوات الأول الخاص ببني نوح.

في الأسابيع القادمة، ستكون لدي الفرصة – إن شاء الله- كي أصف بالتفصيل من هم بني نوح و ما الخصائص المحددة للأوامر التي ينبغي عليهم اتباعها. يكفي اليوم القول بأن لبني نوح سبع أوامر موجبة للطاعة. ( شرائع نوح السبع):

1) تحريم عبادة الوثان؛ 2) تحريم التجديف؛ 3) تحريم قتل النفس؛ 4) تحريم الزواج غير الشرعي؛ 5) تحريم السرقة؛ 6 تحريم أكل عضو حيوان حي؛ 7) واجب إقامة المحاكم.

انتم اليوم تعرفون بأن للأشخاص الذين ليسوا بيهود فائدة عظيمة في قراءة التوراة نفسها التي يقرأها الشعب اليهودي منذ آلاف السنين و اتباع الأوامر التي جاءت بها والتي تخصهم.


Share/Bookmark

الخميس، 18 فبراير 2010

الزوجان المثاليان



الزوجان المثاليان

التفاهم بين الزوجين ليس بالأمر الهين. يشتهي الرجل ذاك وتشتهي المرأة هذا. يريد الزوج شيئا؛ وتريد المرأة شيئا آخر. بلا نهاية..

يمنحنا التلمود فائدة يجمل بنا ألا ننساها. تحل الحضرة الإلهية بين الزوجين كلما كان الزوجان يتبادلان الاحترام بينهما. وبالعكس، عندما يفكر الزوج والزوجة في نفسيهما- قبل أن يفكر في الآخر- فإن الحضرة الإلهية تفارقهما و " تلتهمهما نار".

يعلم التلمود ذلك انطلاقا من الإملاء العبراني لكلمات "איש" ("رجل") و " אשה" ("امرأة"). في الواقع، يوجد اسم الله " י-ה" في كلمات اللغة العبرانية. هذا الحضور ممكن لما يكون الزواج زواج احترام متبادل، زواج تقة.

لكن، كلما نسي الزوج أو الزوجة الهدف النهائي ويتحولان إلى أشخاص أنانيين، فإن الحضرة الإلهية تفارقهما. يفارق ال "י-ה" كلمات " איש" ("رجل") و كلمة " אשה" ("امرأة"). في هذه الحالة، " איש" يصير " אש" ("نار") و " אשה" ("امرأة") يصير " אש" ("نار"). لهذا السبب –حسب التلمود- تلتهم" نار" مثل هذين الزوجين.

من جهة أخرى، نعرف أن المرأة تميل في الغالب الأعم إلى الغضب بسرعة أكثر من الرجل. يمنحنا التلمود تفسيرا لذلك. في كلمة " אשה" ("امرأة")، يكون الحرفان "א" و "ש" –المكونتين للكلمة "אש" ("نار")- مترابطتين؛ في حين فإن في كلمة "איש" ("رجل")، يكون الحرفان "א" و "ש" غير مترابطين. يعني ذلك أن الرجل أبعد ما يكون عن مشاعر الغضب عكس المرأة.

بعد هذه الكلمات الجميلة، يجدر بكل منا أن يخصص عددا أكبر من الصلوات يسأل رب العالمين المعونة في أن يهيمن الأمن على حياتنا الزوجية. فبمدد من الله، قبل كل شيء، يمكن لنا أن ننعم بالسكينة المتبادلة بيننا وبين أزواجنا.

بعد الصلوات، ينبغي أن نبدل الجهود الممكنة لجعل الآخر يشعر/تشعر بانه يمثل مركز العالم في أعيننا. ففي اللحظة التي يستقر فيها الشك في نفس أحدهما، فإن الأمن الزوجي هو من يؤدي الثمن.

إن هذا الأمن الزوجي غاية في الأهمية. كم ساعة ينبغي قضاءها في سؤال معونة الله؟ كم دمعة ينبغي درفها لنبث ضعفنا أمام تفادي النقائص، كلمات وأفكار السوء..

إن ضعفنا عن التصرف السليم لايمكن أن يتجاوز إلا برغبتنا في أن نتغير إلى الأحسن. ينبغي طلب ذلك بصدق..


Share/Bookmark

الثلاثاء، 16 فبراير 2010

حب المال



حب المال

الرغبة في كسب الكثير من المال ليس دوما بالأمر الإيجابي. إذا كان لزاما علينا أن نقاوم هذه الرغبة، فهذه المقاومة تخص الأشياء التي لسنا حقا في حاجة إليها. لهذا لايوجد حد أدنى –أو حد أقصى- يتساوى فيه الناس.

العديد من المتغيرات ينبغي أخذها بعين الاعتبار. فالزمن الذي ولدنا فيه ذو أهمية. اعتاد جيلنا العيش في الثراء وبلغ مستوى معيشتنا القمم في الجانب المادي. وللبلد الذي نعيش فيه أيضا تأثيره. فالعيش في الولايات المتحدة أو في المغرب غير قابل لمقارنة. فالوسط الذي ترعرعنا فيه يترك بصمته: وسط عمالي، برجوازي، ثري..

هذه الحقيقة معترف بها في الشرع اليهودي (الهلاخا). هكذا، فالمفلس الذي فقد ما كان يملك، يستطيع أن يطلب من منظمات الغوث أن تمنحه ما يمكنه من الحفاظ على قطار الحياة الذي كان ملكا له من قبل. هذه المنظمات ملزمة بالاستجابة لطلبه حسب ما تتوفر عليه من المال الضروري لذلك. وفي القانون المدني أيضا، تكون التعويضات (عن العطالة) مرتبطة بالدخل الذي نحققه.

قد لا تكون الرغبة في امتلاك المال لأداء كل ما يملكه الناس رغبة "سيئة". في عصرنا هذا يبدو أنه من الطبيعي أن يرغب الناس في التوفر على المال الكافي لاقتناء المواد الأساسية، ملابس عادية.. فهذا يختلف عما إذا كنا نرغب في التوفر على المال بهدف تجهيز قاعة استقبال من نوع لويس 15، سيارة الكادياك أو خياط شانيل.

غالبا ما يكون الفرق بين الكمالي والحاجي غامضا. يلزم الكثير من الصلوات حتى ينجلي الغموض. إن الميل السيء يأخذنا غالبا إلى الاعتقاد بأننا نستحق/نحتاج إلى الكثير. في الحقيقة، علينا أن نعترف بما يلزمنا لكي نحيا. أثناء هذا السعي، لا مفر من خوض صراع ضد كبريائنا. كم مرة لم نقتن هذا المنتوج أو ذاك حتى لا نكون عرضة لسخرية الآخرين كوننا لا نملكه. كبرياء كل ذلك..

ملاحظة مهمة: في الأغلب، لا تكون رغبتنا في تسديد دين رغبة سيئة في المال. هذه ضرورة إلى حد ما. لا توجد فضيلة أن نجعل من أقرضونا المال ينتظرون. كي نقترب من الله علينا أن نراقب أنفسنا ونعيش بالقليل.

حينما نقنع بما نملك، نكون قد خطونا خطوة كبرى في اتجاه الخالق. إن شعورنا بالقناعة لهو جزء من الاعتراف. ياله من وحي إلهي. لنشكر الله على نعمه التي أنعمها علينا: فنحن، على كل حال، لا نستحقها.

Share/Bookmark

الأحد، 14 فبراير 2010

متقاعد الروح


متقاعد الروح

موسى سعيد: فقد تقاعد.

كل شهر، يزور وكالة بنكه لسحب أجرة تقاعده. ليس كون المبلغ ضعيف ويقعد به دون حاجاته، إلا أن مبلغا مضاف إلى مبلغ، يكفي لتغطية نفقاته. تقاعد موسى لا يعد بشيء استثنائي؛ يلزم؛ في أيامنا هذه، الكثير من المال لإنجاز أشياء قليلة. ومع ذلك، فموسى يتشبت بقوة بوضع المتقاعد الذي هو فيه؛ لاشيء في الدنيا سيجعله يغيره.

وبالفعل، بعد مرور أيام قليلة جاء أحد أصدقاء موسى القدماء لزيارته. كان لهذا الصديق اقتراح مغري يقدمه لرفيقه القديم في العمل: منصب استحدث لموسى، ويأخذ في الحسبان مهاراته الخاصة. كان لهذه الوظيفة ميزة أخرى: أجرتها المرتفعة. كان الصديق متأكدا من أن موسى سيقبل. إضافة إلى كل ذلك، فموسى مايزال في صحته الجيدة وإذا ما رغب في ذلك، فإن عدد المشاريع التي يمكن أن ينفذها في الورشة مهم.

هكذا، فوجئ الصديق برفض موسى. و قام هذا الأخير بشرح الأسباب: هو مكتف بتقاعده الهزيل وينتظر مرور الوقت.

في المجال الروحي، نحن جميعا موسى.

إن الله يمنحنا المدة الذي يريدها ليدعنا في سوق العمل؛ ذلك يسمى مدة الحياة.

أثناء حياتنا، تكون لدينا كل الإمكانيات لنكون عمالا فعالين. إن أعمارنا بيد الله، و حق أن صحتنا تضعف في الأغلب مع التقدم في السن. فطالما أننا نرغب في العمل فإننا لسنا معرضين للطرد.

مع ذلك، يحدث لنا أن نعتبر أنفسنا كمتقاعدين. ينقصنا الطموح الروحي ونرضى باليسير. ياللأسف.

ينتظر الله إرادتنا في عبادته بكل ما أوتينا من عزم، برغبتنا كلها. إن تلقى عنا أن " الحد اليسير من العبادة" هو كل ما نستطيع أن نتوجه به إليه، فإنه في المقابل، سيمنحنا اليسير من فضله.

ذلك يشبه أبا يفقد (فقد؟) الأمل في إمكان أن يرى ابنه ينتهي من التصرف بكيفية كارثية. فالأب يحب ابنه دوما، لكن كان ينتظر بفتور يزيد يوما بعد يوم، ثم – بما أنه لم يره يبدل جهودا كي يتحسن- كانت مساعدته له كلما كان الإبن في أمس الحاجة إليها، تقل مع مرور الأيام.

إن أسوء ما يمكن أن يحل بنا هو أن نرى الله يبتعد عنا. نحن محتاجين إلى الحضرة الإلهية بالقدر الذي نحتاج فيه الهواء كي نحيا. إذا تخلى عنا الله – حتى ولو بصفة مؤقتة- نفقد تلقائيا حيويتنا، تلك التي تميزنا عن الحيوان.

إذا نحن رغبنا في رفع القليل القليل من رغبتنا في أن نكون بشرا، يلزمنا البدء في التصرف كبشر. إن الروحي مرتبط بالأنسان ، لا بالحيوان ولا بالنبات. فإذا ما وضعنا حياتنا خارج هذه الدائرة، فإننا نقترب من حال الحيوان.

يلزم ألا نكون متقاعدي الأرواح. لنتوجه إلى الله بأن يعيننا على محبته، وأن يقربنا منه.

Share/Bookmark

السبت، 13 فبراير 2010

حب كامل


حب كامل
الحب الكامل، الشامل. الحب الذي لا يبقي شيئا، حب بلا أفكار مسبقة. إنه لشيء جميل أن يبدي المرء أنه يحب، لأن الذي/التي يحب رائع، استثنائي، لا يوصف. أي حب هذا.

الحب الذي نخص به الله ينبغي أن يماثل هذا الوصف المثالي، الكامل. ماذا بعد ذلك؟

يحدث أحيانا أن نصلي لأننا مجبرين على ذلك. لا نتمكن كل يوم من أن " نتحرق" شوقا إلى تدارس كلام الله. فقد ننجز ما يتطلبه منا الواجب المفروض على من يؤمن بالله، دون أن نحشر دوما القلب اللازم لذلك. ألا يلزم أن يكون هذا الفرق بين المثال 
وواقع حياتنا سببا للقلق وللإجهاد؟.

لنضرب مثال أبينا أبراهيم. يخبرنا التلمود أن ابراهيم لم يكن يبدل جهدا ليعلم معاصريه وجود الله. هكذا، لما دعا المسافرين الى أن يطعموا في بيته، ولما أبدى هؤلاء رغبتهم في شكره قبل أن ينصرفوا، رد شكرهم قائلا بأن الطعام الذي طعموه كان في الحقيقة طعام رب العالمين. أي تبشير هذا.

يلقي "المدراش" ضوءا غنيا بالتعليم عن الطريقة التي تمت بها الأمور تحت خيمة ابراهيم. فقد كان الضيوف متحمسين إلى حد ما لفكرة شكر الله. هذا الموقف لم يثن الأب ابراهيم عن استعمال حجة مناسبة: مصلحة المسافرين المالية لقبول وجود الله.

يخبرنا " المدراش" أنه في حضور ضيوف معادين لمفهوم الألوهية، يقدم لهم ابراهيم كشف حساب الوجبة التي تناولوها. كان السعر عالي جدا: مطعم وسط الصحراء، ليس بالمجان.
أمام فاتورة بمبلغ مرتفع جدا، غير أغلب المسافرين سلوكهم على الفور وشكروا الله بإسراف.

من المؤكد أن باعث المسافرين لم يكن نبيلا، لكن ابراهيم رأى بلا شك أن شكرهم على علاته سيؤدي بهم – يوما ما- إلى تقدير وجود الله حق قدره.

هكذا سلوكنا نحن ايضا. رغم أننا لا نبدي دوما تهمما زائدا تجاه الخالق، ينبغي أن نقبل هذا الوضع. القبول لا يعني الرضا بهكذا حال. ينبغي أن نصلي – بما أمكن من علو همة ممكن- كي تأخذ شعلة الحماس مكانها في قلوبنا ويتجدد فينا حب الإله.

لنحذر الميل السيء الذي يود أن نتحول إلى كائنات بئيسة وغير راضين على أنفسنا. لنقبل بنقائصنا ولنغتنمها أسبابا لصلواتنا. سيكون لهذا فضل إطفاء جذوة الشيطان تجاهنا.

Share/Bookmark

الخميس، 11 فبراير 2010

مطبخ وصلاة


مطبخ وصلاة

لنتكلم قليلا عن المطبخ.

طبقا للشرع اليهودي، إذا ارتكبنا خطأ بوضع اللحم في قدر نستعمله عادة لإنضاج الحليب و مشتقاته، فالأمر ليس جد خطير. تكفي إزالة اللحم من القدر و غسلها جيدا.

إذا كنا أثناء ذلك قد قمنا بتسخين القدر- لطبخ اللحم - على سبيل المثال- فالأمر مختلف. أثناء التسخين تكون القدر قد متصت نكهة اللحم لتصير مشربة بخليط من نكهة اللحم ومن نكهة الحليب ما يجعلها محرمة، وغير قابلة للاستعمال. ليس فحسب أن النار جعلت نكهة اللحم تتسرب إلى جدران القدر، لكن كل استعمال قادم سيجعل هذه النكهة تعاود الخروج من جدران القدر، كلما قمنا بتسخينها من جديد. بربط لذة المائدة بلذة الصلاة يمكننا تعلم درس مهم لتحسين طريقتنا في التوجه إلى رب العالمين.

مثال القدر يعلمنا أنه في غياب الحرارة لاشيء يتسرب، لاشيء يمكن امتصاصه. أيضا، عندما تتسرب نكهة مادة ما إلى داخل جدران القدر، فلن تتمكن من معاودة الخروج إن لم نقم بتسخينها من جديد.

عندما نصلي، نطلب من الله أن يجري المعجزات من أجلنا. إن رغبتنا في تلقي البركات الإلهية غالبا ما تكون متناسبة مع رغبتنا في التقرب من الله. مثال القدر تعلمنا أنه في غياب الحرارة – إن كان قلبنا لا يتحرق شوقا – لن نستطيع امتصاص/تلقي شيء من رب العالمين. لكي ينشأ العقد، ينبغي أن يسخن قلبنا، ينبغي لصلاتنا أن تكون حقيقية لا مجرد كلمات ننطق بها دون أن نفكر فيها.

بتسخين قلبنا نصير قادرين على امتصاص النعم الإلهية التي مافتئنا نطلبها. وبقدر ما نصير "دافئين"، تستقر هذه النعمة عميقا في نفوسنا. باشتعالنا نستطيع أن نجعل من هذه النعمة جوهرنا الخاص.

من جهة أخرى، فحينما نود أن نبدي إلى الله رضانا ونمنحه أفضل ما نملك، جوهرنا، تلزمنا أيضا الحرارة كي يطفو رضانا على السطح، كي يخرج.

حين نقول لله بأننا مستعدين لأي شيء كي يستجيب لدعواتنا، يلزم ألا يخبو دفئ قلبنا – مرة أخرى - كي لا تبقى إرادتنا تلفظا فارغا. في غياب الحرارة، تبقى " أنانا" مدفونة فينا، طريقة أخرى للقول بأننا لسنا مستعدين لتسليم السلاح و إعطاءه تبارك وتعالى الحق في الوصاية على شخصنا.

حين سنكلم الخالق في المرة القادمة ، يجمل بنا تذكر درس القدر وأن ندفئ قلبنا. لا يوجد شيء يقارن بصلاة تنبعث من أعماق القلب. نهب نارا حقيقية مقدسة للخالق.

Share/Bookmark

الثلاثاء، 9 فبراير 2010

مزيد من الاقتراب


مزيد من الاقتراب

الاقتراب من الله هو أن ترتقي درجات الانمحاء كل مرة. لا شك في أن ال"بيتول" (" الفناء"،"المحو"،"الانمحاء") التام ليس في متناول الجميع، لكن الأساس هو الاعتراف بأهميته ومحاولة الاقتراب طوال حياتنا. بهذا الشرط يمكن للمرء أن يستجيب للمشيئة الإلهية في الكمال.

يلعب الميل السيء أدوارا. حسب هذا الميل السيء، فإن عدم خرق القوانين التوراتية والربانية يمثل الكمال. الأمر بسيط.

جيد طبعا أن نحترم نصوص القوانين. فمما لاشك فيه أن من يتحلل منها يعرض نفسه لمستقبل أيام مؤلم. علاوة على ذلك، فإن الاعتقاد بأننا باجتنابنا المحرمات نبدي حبنا بالتمام والكمال للخالق، هو اعتقاد غير دقيق. يريد منا الله قلوبنا.

هكذا، فإن المرحلة الأولى تكمن في عدم إتيان الحرام. ليس هذا بالأمر الهين ويستوجب دراسة يومية لنصوص القانون، كل حسب إمكانياته وقابليته.

تقتضي المرحلة الثانية أن نمحو مفهومنا للذة لنفسح المجاللذلك الذي يناظر اللذة العلوية. بكلمة أخرى، يتوجب علينا استهداف المستوى الذي يضم كل ما يمتعنا تماما، ويكون في الآن نفسه، هو ما يريده منا الخالق بالضبط. إن قصة شمشون لغنية بالعبر.

كان شمشون متزوجا بامرأة فلستية من مدينة "تيمنا". وكان الهدف من هذا الزواج أن يعيش بين الفلستيين ويجد حجة لمهاجمتهم. لم تكن الفكرة من قبله فحسب، بل جاءته من الله أيضا. ( القضاة 14:4). تم الاحتفال بالزواج وتحقق هدف شمشون جزئيا.

أثناء ذلك، يفاجأ والدا شمشون- اللذان لم يكونا على علم بالمصدر الإلهي للمشروع- باختيار ابنهما. " ألا توجد امرأة من قرابتك أو من بقية الشعب، حتى تذهب للبحت عن واحدة من بين الفلستيين؟". فيجيب شمشون: " تعجبني هذه". في هذا الشعور يكمن خطأ شمشون.

يعلمنا التلمود بأن خطأ شمشون في كونه يريد جسم زوجته المستقبلية، رغم علمه بأن إرادة الله قضت بأن يتزوج بها. ال"بيتول" التام يكمن في ألا نشعر بشعور خاص وأن نتزوج هذه المرأة لأن مشيئة الله قضت بذلك. فقد عوقب شمشون لأنه خلط مصلحته الشخصية بالمهمة المقدسة.

لنطمئن: خالق الكون يفرض علينا ما نقدر على منحه إياه.وبمستوانا نحن، هذا يعني أننا بتصرفنا على شاكلة شمشون، لن نجلب على أنفسنا أي عقاب.

بالرغم من كل ذلك، فهذه القصة ينبغي أن تتيح لنا أن نأخذ في الحسبان إلى أي حد نكون بعيدين عن الله كلما فكرنا في إرضاء قلوبنا، شهواتنا، ونحن مطمئنين بأننا لا نخرق أي قانون.

تحذير آخر: لا تنفع الرغبة في أن نلعب دور السادة الكبار. كما يمكن أيضا أن يتعذر علينا الوصول إلى درجة الكمال المطلق. لا ينبغي لهذه الفكرة أن تقعد بنا. بالعكس، ينبغي أن تحثنا على التدرج في مدارج الكمال كل يوم.

إننا ونحن نمنح الله الشوق في التقرب إليه - رغم أخطاءنا و زلاتنا الروحية- نمنحه أعز ما نملك. لنكن جديرين إذا باستحقاق هذا الشوق.


Share/Bookmark