الجمعة، 18 يونيو 2010

الإهانة المكفرة عن الذنب



تدل زلة المرء حين يزل على أنه كان يفكر في نفسه قبل أن يفكر في الله. إن مخالفة المشيئة الإلهية لهي الأنانية في أقصى درجاتها. مع ذلك، فبلطفه المطلق، يتيح لنا أن نتوب من بعد زلتنا. في ليقوتي موحران 1 : 6 ، يصف لنا الرابي نحمان البراسليفي سير العملية


حين يقترف المرء ذنبا بدافع الأنانية، فمن الواجب عليه أن يصلح ما اقترفه بتدبير مطابق. (عين بعين). هكذا سيهيء الله لهذا المرء وضعا يجد فيه نفسه في حيرة من أمره. إن الانزعاج الذي سيشعربه سيسمح له بتفكير الذنب المقترف


ذلك ممكن إذا ما ارتضى المرء –على سبيل المثال- أن يكون عرضة للإهانة من دون أن يرد بالمثل. فقد يسلط الله عليه،من حيث لا يتوقع – أثناء عمله، في مكتب البريد، في بيته...- أحد لئيمي الطبع، يخرق أبسط قواعد اللياقة ويكيل له الشتائم تلو الأخرى


الأفضل للمرء الذي أهين آنذاك، أن يدرك بأنه بصدد التكفير عن ذنبه. أما إذا ما كان يشعر بدافع قوي إلى الرد فسيكون من الأفضل له أن يطبق فمه. ففي هذه الحالة يكون السكوت أفضل الرفاق


في ضوء ذلك، تأخذ الإهانات التي نتلقاها في حياتنا اليومية مظهرا جديدا. إذا أدركنا بأننا نزل أكثر مما ينبغي لنا، فهذا يعني بأننا نفكر، بقدر قل أم كثر، في أنفسنا قبل أن نفكر في الله. فليس مفاجئا أن نجد أنفسنا في صدام لفطي مع أول قادم


قبل أن نسعى إلى الإهانة، يجب علينا أن نقبل بها و خاصة.. ألا نرد. إذا كان بإمكاننا الامتناع عن الرد، فسنشتري أخطاءنا الكثيرة


يجزم الرابي نحمان بوجود مستويين من مستويات الاصلاح. يكمن المستوى الأول في عدم الرد كلما تعرضنا للإهانة. مهما يكن دمنا في فورة، نملك أن نحافظ على هدوءنا وألا نجيب. أما المستوى الثاني – وهو أرفع بكثير من الأول – فيمكن بلوغه حين لا تؤثر فينا الإهانة مطلقا. لا لكوننا لا نرد فحسب، لكن لكوننا ننظر في من يهيننا كما لو أننا ننظرإلىقرد في حديقة الحيوانات. أسبق لنا أن أحسسنا بإهانة قرد يكشر في وجوهنا؟


حين نحافظ على هدوءنا، ونحن هادئين، نملك أن نقنع أنفسنا بأننا قد قمنا بجبرالأضرار التي كنا سببا في وقوعها. وللمجادل القائل بأن التعرض للإهانة لا يمكن أن يكون بالأمر المقبول إطلاقا، نجيب بأنه ينبغي التفكير في ذلك قبل أن ننظر إلى أنفسنا كمركز للعالم


لنسأل الله أن يعيننا على أن نجعله مركز أفكارنا


Share/Bookmark

الأحد، 6 يونيو 2010

خصامات وخلافات


يحدث أن تأتي أيام يبدو لنا فيها أإمتنا الروحيين بأنهم لا يتفقون على أي شيء. طبقا للبعض، فإن شيئا ما مباح وطبقا لآخر فإنه محرم. طبقا للرابي الذي اتبعه، يجوز الذهاب إلى مكان ما وطبقا للرابي الذي يتبعه صديقي، فإن ذلك محرم.. أمام هذه الخلافات، نستطيع أن نستكين إلى فكرة أن العتمة الروحية التي نتواجد فيها، هي أيضا مقام أهل العدل. سيكون ذلك خطأ فادحا.

مفهوم "الثقة في العلماء"، هو قبل كل شيء مفهوم قطعي: ينبغي أن نمتلك اليقين في كون حكمائنا يملكون جزءا من الحقيقة أهم مما نملك نحن، و أنهم –جميعا- أقرب إلى الحقيقة أكثر منا. من المهم أن نفهم بأنه طبقا لهذا المفهوم، يجب تحصيل الثقة بعلمائنا كلهم وليس فقط أؤلئك الذين نعدهم علمائنا الخاصين بنا نحن.

بتعبير آخر، فإني إذا ما كانت لدي الثقة في أن الرابي الذي أتبعه سيحدد لي ما ينتظره مني الله بالتحديد، فينبغي أن أكون على يقين من ان الرابي الذي يتبعه جاري على صواب أيضا، رغم انه سينتهي إلى استنتاج مختلف. في هذه الحالة بالتحديد يلعب مفهوم الإيمان دوره. غالبا ما كان الرابي نحمان البراسليفي يقول: يبدأ الإيمان حيث ينتهي العقل.

إن الوعي بهذه القضية يقتضي فهم الأسباب التي تجعلنا نسمع هذه المخاصمات والخلافات. في الدرس 5 من ليقوتي محران يعلمنا الرابي نحمان أن الله يريد اتلاءنا بإ سماعنا خلافات الراي هذه.

إننا إن نحن ارتكبنا إثم الانحياز واستنكرنا رأي طرف من الطرفين، فإننا نكون قد سقطنا في فخ الميل السيء. إذا قلنا: " كيف لهذا الرابي أو ذاك أن يقول ما قاله؟"، فقد افترينا على حكيم من حكماء اسرائيل، وقانا الله. حري بنا أن نفكر – و/ أو نقول- بأننا نتبع رأي واحد من الحكماء لأن الأمر يتعلق- مثلا- بالرابي الذي نتبعه، أو أننا ينبغي لنا اتخاذ قرارا من أجل معرفة ما يجب فعله. علاوة على ذلك، ينبغي تحديد أننا بسلوكنا هذا، لا نحكم على القيمة الجوهرية للرابي الآخر.

إننا وإذ نتبنى هذا الموقف، نعطي الدليل على الحد الأدنى من الذكاء. ما رأيكم في مثل هذا: هل سبق لك وأن سمعت متعلما يحكم على قرار معلمه؟هل يستطيع طالب من شعبة الطب في السنة الأولى أن يفهم أسباب تصرف جراح كبير؟ على أننا ننسى هذا الحد الأدنى من المنطق عندما نسمح لأنفسنا أن ندلي بتقييمنا لرأي حكيم ما.

ليفتح الله بصائرنا ويعيننا على البقاء في مقاماتنا: تلك الخاصة بالطلبة الذين يعولون كلا على الذكاء وعلى سلامة الأئمة. إنه لسعيد مقام أولئك الذين هم من أهل هذه الطائفة.

Share/Bookmark

الأربعاء، 2 يونيو 2010

القداسة في عالمنا


هناك مفاهيم نعرف بوجودها، اللهم إذا ما كنا غير متعودين عليها. مفهوم القداسة ينتمي إلى هذه الفئة. قدسية الإله، و تلك المتعلقة بالتوراة.. حتى لو أننا سلمنا بوجودها – متى سلمنا بذلك – فمن المحتمل أن يصعب علينا أن نجد هذه المفاهيم بالقرب منا، في حياتنا اليومية. في العمل، في البيت الأسري، في أوقات الفراغ... ننزع إلى العيش " خارج " القداسة. إننا نترك مقاربتنا لهذه المفاهيم لأوقات دراسة التوراة، أوقات الصلاة...

نفترض أننا بإمساكنا كتاب صلوات، نربط علاقة خاصة بخالقنا. ومع ذلك فإن الأساس في القداسة قد يوجد في مكان آخر، حيث لا نتوقع وجودها دائما.

في "ليقوتي حلاقوت" (ליקותי הלכות)، يعلمنا الرابي " ناتان البراسليفي" بأن الأساس في القداسة يكمن في وعينا بأنها توجد في كل ما يحيط بنا، كل شيء مطلقا. ذلك ممكن متى اعترفنا بأن الله هو سبب في كل ما يشكل محيطنا، حياتنا.

هكذا، فإن التسليم بكون شيء خاص ينتمي إلى محيطنا يجد أصله في الله، يجلب القداسة إلى هذا الشيء. قد يبدو هذا الأمر بسيطا، تبسيطيا و مع ذلك...فكم مرة ننسى فيها أن الخالق قد خلق كل شيء. فبالقدر الذي ينطبق هذا الاستدلال أيضا، على كل ما هو مجرد، يجدر بنا أن نتذكر في الحالات التي نفضل كلنا، أن نتفادى فيها: صراعات بين أشخاص ، شتائم نكون ضحيتها.. هناك يوجد الله أيضا.

إذا علمنا بأن الله يوجد في كل ما يحيط بنا – المادي واللامادي- سندرك مستوى عالي جدا من الإيمان. في المقابل، عندما ننسى المصدر المقدس لشيء ما – أو لوضعية ما- نضع الله خارج عالمنا، نسأل الله السلامة. أن ننكر وجود الله لهو أسوأ شيء يمكن أن يحصل للمرء. حينما تواجهنا صعوبة في قبول الوضعية التي نوجد فيها – و نغضب - فقد رسخنا قرارنا: أن الله بعيد كل البعد عن ما يحصل لنا، نسأل الله الحفظ. فربما لأجل هذا ، يكون الغضب مساويا للوثنية حسب التلمود.

ينبغي لنا، في توجهنا القادم إلى الله، أن نسأله المعونة على ألا ننساه، كل ساعة، كل دقيقة من وجودنا؛ في كل الأمكنة وفي كل الأحوال. آمين.

Share/Bookmark